التاريخ : الاثنين 19 march 2012 05:40:00 مساءً
فى الوقت الذى يتنازع مرشحي الرئاسة المعروفين والمغمورين على إقناع المواطنين بعمل توكيلات رئاسية لهم تؤهلهم الى الدخول رسميا لأرض المعركة، والتحول من مرشحين محتملين الى مرشحين حقيقيين، إنفصل عن السرب آلاف الشباب وساروا فى إتجاه أخر بعيد عن الصراع الرئاسي، وقاموا بعمل توكيلات للدكتور محمد البرادعي عراب الإصلاح السياسي فى مصر والمدير السابق لوكالة الطاقة الذرية والمرشح الوحيد الذى أعلن إنسحابه من السباق الرئاسي بسبب إختلال معايير الإنتخاب وعدم وضوح الرؤية حول مستقبل هذا المنصب الكبير، ووجود صفقات وتربيطات غير معلنة، تحوِّل الإنتخابات الى مسرحية هزلية.
ومثل كرة الثلج انتقلت مبادرة توكيل الدكتور محمد البرادعى من محافظة الى أخرى، من الدقهلية الى بورسعيد ومن الاسكندرية الى السويس ومن القاهرة حتى البحيرة ومن الجيزة حتى أسوان، آلاف الشباب قاموا بتوثيق توكيلات للدكتور محمد البرادعى، ولا غرض لهم ولا غاية فى الصراع على الحكم ولا المنصب الرئاسي، ولكن لهم رسالة واهداف نبيلة.
رسالتهم الأولى للمكلفين بإدارة شؤون البلاد، أنهم شباب يؤمن بقيمة وقامة الدكتور محمد البرادعي، وأن توكيلهم له حتى ولو لم يخض سباق الإنتخابات وتمسك بموقفه، يعنى دعمهم لمواقفه وخياراته، لأنه بوصفه الأب الروحى للثورة، يعبر عن تيار موجود بالفعل فى الشارع المصري، وانه ليس معزولا عن الشارع كما يروج ببغاوات السلطان.
أما الرسالة الثانية فهى للثورة المصرية التى تعرضت لأكبر حملة قمع وتشويه وإجهاد، وتقول أن الثورة مستمرة، وأنها تتجاوز صراعات الحكم وصفقات بيع الوطن، الى الإصلاح والإنحياز الى الحق والعدل ولا شئ غيره، وإن استمرار موجات التوكيلات للدكتور البرادعى بغض النظر عن تجاوزها سقف المطلوب – 30 ألف توكيل – أو عدم بلوغها إياه، يؤكد على أن الثورة فكرة .. والأفكار لا تموت حتى بعد أن تحولت المرحلة الإنتقالية من الثورة الى التغيير، الى مرحلة إنتقامية من الثورة والثوار.
الرسالة الثالثة موجهة للدكتور البرادعى نفسه، وتضع بين يديه هذا الكم من التقدير والإحترام، فى مواجهة ما تعرض ويتعرض له من عمليات تشويه ممنهجة، قابلها جميعا بالصمت والحكمة والتجاهل، وتقول له ان هناك من يحترمونك ويقدرونك، وأن توكيلاتهم وإن كانت أقل ما يقدمونه له، فإنها فى الوقت نفسه طلب برغبة فى أن يعيد النظر فى قرار الإنسحاب من الانتخابات، فإن واصل إنسحابه إحترموه، وإن تراجع دعموه بقوة.
الرسالة الرابعة والأخيرة كانت للمجتمع المصري وتقول لا تحسبوا أن الشعب تحول الى قطعان، وأن الإنحياز الى الحق واجب، هو أحق أن يتبع، وأن تيار دعم البرادعى الذى قرر جزء منه عمل توكيلات رئاسية، لم يمت ولم ينفصل عن واقعه، وأنه سيقاتل بكل الصور، من أجل غد أفضل يجنى ثماره كل المصريين، ويطالب به كل سياسي يعبر عن طموحات الناس، وهو ما استوجب توكيل الدكتور البرادعى ليلعب هذا الدور بغض النظر عن المنصب الذى يقاتل من خلاله، مدعوما بآلاف المواطنين من عقلاء الوطن.
تلك رسالة آلاف المواطنين الذين تحملوا تعنت وإنحياز وسخرية موظفى الشهر العقارى فى كل محافظات مصر، وقرروا توكيل الدكتور البرادعى تكريما وتقديرا ودعما له، فهل نسمعها .. أم نظل على مواقفنا نسير كقطعان يوجهها الحاكم يمينا ويسارا وكيفما شاء .. إسمعوهم لعلكم تتجنبون ما جنيناه بعدما صممنا أذاننا فى وجههم طوال العام الماضى حتى يلغنا ما نحن فيه.
|