التاريخ : السبت 31 march 2012 12:26:03 صباحاً
هل هناك أزمة حقيقية بين المجلس الاعلى للقوات المسلحة وجماعة الاخوان المسلمين ممثلة فى اغلبيتها البرلمانية من حزب الحرية والعدالة التابع لها، وحزب النور السلفى الذى سار فى ظل الجماعة فى غالبية المناقشات البرلمانية، بما أصبح يهدد البلاد فى الدخول بمواجهات سياسية وإجرائية وربما على صعيد الشارع أيضا.. أشك.
لم يكن التصعيد الحالى من اعلى مستويات القيادة التنفيذية ممثلة فى خطاب المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة، وقمة هرم الطاعة فى جماعة الإخوان ممثلا فى بيان المرشد العام محمد بديع له أى مبرر فى الوقت الحالى.. لكنه فى الوقت نفسه غامضا وملتبسا.
فالرسائل التى قرأت من بين سطور خطاب المشير حول صناعة العسكر للصورة السياسية بوضعها الحالى وإشارته الى المسار القضائي الذى قد يطيح بإطار تلك الصورة بالكامل، وضرورة عدم تكرار أخطاء الماضى.. تقول باللغة البسيطة "يا أيها الاغلبية.. نحن من اجلسكم على المقاعد.. ونستطيع ان نطيح بكم.. فلا تجبرونا على الإطاحة بكل الأطر السياسية.. وتدفعوننا الى تكرار سيناريو مارس 1954 عندما إنقلب مجلس قيادة ثورة يوليو على كل وعوده ولم يقم بتسليم السلطة الى المدنيين".. هذا بإختصار.
اما بيان المرشد العام وجماعته ومعها حزبه بالضرورة وملايينه العشر التى منحته أصواتها، فيقول بإختصار للمجلس العسكرى لا تهددوننا بأحكام القضاء.. نحن حرصنا على رسم إطار مؤسسي للبلاد لنستلم منكم السلطة، وحكومتكم "حكومة الجنزورى" لا تصلح لأنها تصنع الازمات وتستهين بسلطاتنا التى إنتزعناها عن جدارة، وبقاؤها فى الصورة يضع عملية الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية محل شكوك ومخاوف.. وهذا أيضا بإختصار.
الذين تمكنوا من قراءة الرسائل بين السطور قفزوا الى نتيجة مفادها أن هناك صراع كبير، خاصة إذا ما وضع فى الحسبان أن المجلس العسكرى صدرت عنه بعض قيادات تصريحات تلمح الى أنه سيتدخل فى توقيت ما لحسم الجدل الدائر حول اللجنة التأسيسية لإعداد دستور مصر الجديد.
لماذا أشك فى وجود ازمة حقيقية..
هكذا علمتنا الاحداث فى المرحلة الانتقامية من الثورة.. حينما يستجد أى استحقاق سياسي تظهر ازمة كارتونية غير حقيقية بين أطراف السلطة.. يدفع ثمنها قوى الثورة والاحزاب المدنية، وعادة تكون البداية بروح إخوانية وتصعيد عسكرى.. حدث هذا فى استفتاء 19 مارس عندما قاد السلف والإخوان أكبر عملية تدليس سياسيى دفع ثمنها الثوار بإطلاق مسيرة تشويه القوى المدنية الكافرة، وسط صمت المكلفين بإدارة شؤون البلاد التى انتهت باحداث مسرح البالون وماسبيرو، كما حدث فى مليونية "وثيقة السلمي" التى وياللعجب كان إعتراض الإخوان والسلف فيها على وجود وضعية خاصة للعسكر فى الدستور، وبعدها دفع شباب الثورة أرواحهم واعينهم فى ماراثوان سحق العظام الذى بدأ بأحداث محمد محمود والفلكي والتحرير ومجلس الوزراء، قبل أن تتبدل مواقفهم كالعادة.
لذلك أرى ومعى كثيرون من المتشككين أن المشهد الجديد من هذا السيناريو التراجيدى ما هى إلا فخ جديد للقوى المدنية التى قررت النزول للشارع لمواجهة دستور الإسلاميين تحت رعاية المجلس العسكري، وهو ما يستوجب قليل من البنزين الإخوانى لتسخين الاجواء.. قبل ترك الثوار كالعادة فى الميدان يقتلون وتسحق عظامهم، من اجل تمرير الحلقة قبل الاخيرة من المسلسل "الدستور والرئيس" فى صمت.
تلك شكوكى التى يتحدث بمثلها آلاف المصريين، مصدرها تجربة "النفخ فى الزبادي"، والثقة بان الإخوان أكثر دهاءا من إختلاق أزمة مع "راجل البيت".
|