التاريخ : الأحد 01 april 2012 12:58:51 مساءً
" لكى اللة يا مصر" فحتى الأن لم ينعم الشعب المصرى البسيط بثورته الغالية التى دفع من أجلها أرواح أبنائه الطاهرة ودمائهم الذكية، وما زال الموقف السياسى يزداد اشتعالا، وما أن تهدأ أزمة حتى تبدء أزمة جديدة.
فمن ناحية مازال البرلمان على إختلاف تياراته السياسية مصراً على سحب الثقة من الحكومة فى ظل ضعف أداءها وعدم قدرتها على مواجهة المشاكل التى تواجة المواطن والتكاسل الواضح للوزراء والمحافظين عن تحمل مسئوليتهم، وكذلك تردى الأوضاع الاقتصادية واستمرار حالة الإنفلات الأمنى.
وقد تصاعدت المواجهة فيما بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وهو الأمر الذى تواكب معه توجية إتهامات واضحة من بعض القوى السياسية داخل البرلمان للحكومة بأنها هى التى تفتعل الأزمات، تزامن معه دعوة جماعة الإخوان المسلمين لمليونية لإسقاط الحكومة كرد فعل لتصريحات رئيس الوزراء بأنه لن يستقيل وأن المجلس العسكرى هو الذى يملك سلطة الإقالة فقط.
غير أن المجلس العسكرى مازال مصراً على مساندة الحكومة ليزيد من الأمر إشتعالاً وليدخل فى مواجهة مباشرة مع السلطة التشريعية وليزيد من درجة إنعدام الثقة وعدم القبول العام لقراراته، وكرد فعل لهذا جاء بيان جماعة الإخوان المسلمين والذى هاجم فيه المجلس العسكرى وإعتبر أن تمسكه بإستمرار الحكومة الحالية يشكك فى نزاهة الإنتخابات الرئاسية، خاصة فى ظل التداخل الواضح والفاضح بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية والتى تجلت صورها فى قضية سفر المتهمين الأمريكان فى قضية التمويل الأجنبى لمؤسسات المجتمع المدنى.
وفى مواجهة كل تلك الإتهامات جاء بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة والذى أعلن فيه أن ما يتم من محاولات بغرض التشكيك فى النوايا إزاء نزاهة الإنتخابات الرئاسية المقبلة والإستفتاء الشعبى على الدستور والتشكيك فى إستقلال المحكمة الدستورية العليا محض إفتراء لا اساس له من الصحة.
ومن ناحية أخرى جاء التصادم الأقوى فيما بين التيارات السياسية المختلفة بعضها البعض عند تشكيل اللجنة التأسيسة للدستور وما تبعها من إستقالات لتزيد من الأمر إشتعالاً، ولتلعب بعض القوى السياسية والأحزاب دوراً هاماً فى إشتعال الأزمة، خاصة فى ظل معرفتهم المسبقة وموافقتهم على معايير إختيار اللجنة التأسيسية، ثم معرفتهم وموافقتهم المسبقة على إختيارهم ضمن لجنة المائة، ثم إظهار ترحيبهم وشكرهم للأغلبية من التيار الإسلامى التى صوتت لهم، ثم يفاجىء الجميع بعد ذلك بتقديم إستقالاتهم أمام وسائل الإعلام فقط دون تقديم إستقالات فعلية، وهو ما يؤكد على النية الخالصة والمبيتة والإتفاق التام على هدم اللجنة التأسيسية من قبل أن تبدأ.
ومع الإتفاق التام على أن اللجنة التأسيسية للدستور يجب أن يتم إختيارها على أسس موضوعية بعيداً عن أيه أهواء شخصية، وضرورة أن تعتمد فى إختيارها على الكفأة وأهل الخبرة وليس أهل الثقة، كذلك ضرورة أن تتضمن ممثلين لكافة شرائح المجتمع من - مسلمين وأقباط - رجال وسيدات- كبار وشباب، كذلك أصحاب الفكر والرأى فى المجتمع بالإضافة الى القامات الكبرى داخل القضاء المصرى النزية والشامخ، وهو الأمر الذى كان يمكن أن تحققه بسهولة الأغلبية من التيار الإسلامى خاصة فى ظل التقارب الواضح بين جماعة الإخوان المسلمين وزراعها السياسى الممثل فى حزب الحرية والعدالة والجماعة السلفية وزراعها السياسى الممثل فى حزب النور، غير أنه وعلى ما يبدو فقد إتفق الجميع على الهدم وليس البناء.
وفى ظل كل تلك الأجواء مازال المواطن المصرى يدفع الثمن من أمنه وإستقراره ومازال يلهث وراء قوت يومه بالبحث عن رغيف العيش أو أنبوبة البوتجاز أو لتر البنزين، ومازال الاقتصاد المصرى يترنح ما بين هروب الاستثمارات وعدم تدفق السياحة ونضوب موارد مصر الاقتصادية، ومازالت الدولة تدفع الثمن من خلال سقوط هيبتها كدولة داخلياً وخارجياً.
إنها أحد القضايا المهمة التي تواجه كافة الأحزاب و التيارات السياسية الفاعلة فى المشهد السياسى فى مصر وتحتاج إلى إعادة التفكير.
|