التاريخ : الاثنين 09 april 2012 05:40:30 مساءً
تلقيت صدمة عنيفة عند ترشيح خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، أما الصدمة الأعنف فكانت دخول عمر سليمان السباق الرئاسي، فمن بين كل مرشحى الرئاسة أخشى هذين المرشحين، ليس على مستوى الرئاسة فقط، ولكن أخشاهم على المستوى الشخصي.. ولكل منهم موقف شخصى معى عزّز هذا الشعور.
فـ"الشاطر" حين أنظر فى عينه أشعر بحالة من الخوف الداخلي، وازداد هذا الشعور حين قابلته فى إحدى حفلات الإفطار التى كانت تقيمها جماعة الإخوان فى شهر رمضان المعظم، وكنت وقتها أقف مع الدكتور محمد حبيب النائب الأول لمرشد الإخوان "مهدى عاكف" في ذلك الحين، وكان "حبيب" يُعاتبنى على وصفى له بسجين البليلة، وجاء "الشاطر" ووقف معنا، يستمع لهذا العتاب وكان ينظر بعينه نظرات لا أعرف معناها حتى الآن، ولكن شعورى وقتها كان الخوف الشديد من هذا الرجل ضخم الجثة، عريض المنكبين، وانتابنى إحساس وقتها برغبتى فى مغادرة هذا الإفطار والعودة إلى بيتي، ولكنى تحديت هذا الشعور وحاولت سبر اغوار هذا الرجل، وإجراء حوار معه، ولكنه رفض بشدة إجراء هذا الحوار، وتحجج بعدم رغبته فى الظهور الإعلامي.. وكنت وقتها قد قمت بعمل حوارين مع مرشد الإخوان السابق مهدى عاكف ومع أغلب أعضاء مكتب الإرشاد.
وحينها كتبت كثيرًا عن شخصية هذا الرجل الغامضة، وعن حكاية المرشد العلنى والمرشد الخفي، والمرشد الإعلامي، ودولة خيرت الشاطر والتنظيم الدولى للإخوان، وجاءت قضية ميليشيات الأزهر، وتم حبس "الشاطر"، فحزنت جدًا على حبس هذا الرجل قبل أن أجرى معه حوارًا صحفيًا، وكنت وقتها على يقين تام بأن الشاطر يحكم مكتب الإرشاد من داخل السجن، وحين قامت الثورة، واكتسح الإخوان الانتخابات البرلمانية، كنت على يقين بأن الشاطر سيكون مرشح الجماعة للرئاسة، وحين تم إعلان ذلك رسميًا شعرت أننا سندخل مرحلة جديدة من حكم "السمع والطاعة"، وشعرت بصدمة حقيقية وانتابنى نفس الخوف القديم ولكن هذه المرة على مستقبل مصر.
أما عمر سليمان فقد كتبت عنه صفحة كاملة عن تاريخه وكيف ينظر الإسرائيليون لهذا الرجل -الغامض على عموم المصريين- ورغم أن الموضع كان يحمل فى طياته صفات إيجابية كثيرة من وجه نظر الإسرائيليين لهذا الرجل، وهى المعلومات التى وصلتنا من الصحف العبرية شخصية عمر سليمان المجهولة، والتى ظلت خلف الأضواء لسنوات طويلة.
وعقب نشر موضوعى أرسل لى رئيس التحرير فى ذلك الوقت الأستاذ سعيد عبدالخالق –رحمة الله عليه- وقال لى بالحرف الواحد: .."المخابرات بتقولك مالكش دعوة بعمر سليمان".. قلت له "بس اللى أنا كتبته صفات جيدة والأهم أنها على لسان إعدائه " فقالى لى: "بكرة تكتب عنه كلام وحش.. وعلى لسانك" وهكذا تم غلق ملف عمر سليمان بالنسبة لى.
وحين اختاره مبارك أثناء الثورة ليكون نائبًا له شعرت بحزن شديد، ليس لأن الرجل بهذا السوء، ولكن لأن مبارك بذلك قد حرق هذا الرجل الذى كان بمثابة الملجأ للعديد من القوى السياسية والمرشح الأكثر حظًا، وحين أعلن ترشحه للرئاسة منذ أيام شعرت بشعور غريب جدًا، شعور مزدوج، بين الفرحة والخوف، الفرحة فى قدرة هذا الرجل فى الوقوف أمام المد السلفى والإخواني، أما الشعور الثانى فهو ناتج عن خوفى من العودة إلى عصر مبارك، واستمرار الصف الثانى من الفاسدين فى مواقعهم، وتهميش الثورة والثوار، وأن يصبح توفيق عكاشة وزيرًا للإعلام.
أخشى ما أخشاه أن تنجح إحدى الشخصيتين وهما شديدا العداء للإعلام فنعيش عصرًا جديدًا من كبت ومصادرة الحريات، ويخرج صف جديد من الانتهازيين الذين يبحثون عن مكان فى صدارة صفوف الإعلام بسياسة جديدة تقضى على كل ما حققناه فى السنوات السابقة، ويكون بمثابة استمرار لسياسية قمع الحريات المتبع بعد الثورة من قبل المجلس العسكري، وندخل فى عصر جديد من الظلام الاعلامي، والانفتاح الانبطاحى للحاكم الجديد.
|