التاريخ : السبت 14 april 2012 03:17:46 مساءً
عبارة يستغيث بها كل الحالمين بوطن آمن من فلسطين إلى الصومال، يستصرخون بها ضمير ساستهم وحكّامهم، ويصدمون بها وعي شعوبهم لإنقاذ أوطانهم من صراعات الداخل ومؤامرات الخارج، فهل تسعفنا هذه العبارة لنبلّغ كل من يهمه الأمر بأن الدولة المصرية في خطر؟ وأن السكين قاب قوسين أو أدنى من العظم المصري؟
يعتصرني الألم وأنا أجد تاريخ بلدي العريق يتداعي أمام عيني في مشهد أبطاله مجموعة "أراجوزات" يرقصون على جسد الوطن المنهك بلا رحمة، هل هذه هي مصر التي تغنى بها العرب من الماء إلى الماء؟ هل هذه هي مصر التي أبهرت العالم بكنوزها من الحجر والبشر؟ هل هذه هي أم الدنيا بلد الحضارة والتاريخ والعلماء والحكماء والأدباء والعظماء؟ أجبني يا شعب العجائب.
إن الهزل السياسي الذي عاشته مصر منذ تنحي مبارك حتى اليوم يستوجب ممن يطلقون على أنفسهم "شباب ثورة 25 يناير" بكل ائتلافاتهم وفرقهم وحركاتهم، التحرك فوراً لتدارك آثار الكارثة التاريخية التي ارتكبوها يوم 11 فبراير 2011، عندما تركوا الميدان قبل أن يشكّلوا من بينهم "مجلس قيادة الثورة" ليكون الممثل الشرعي الوحيد باسم ثورة شعب مصر، والمخول بالتفاوض مع المجلس العسكري لنقل السلطة للمدنيين، لكن سمة الثورات العظيمة أن تصحح مسارها وتتدارك أخطاءها، شريطة أن يتم ذلك قبل فوات الأوان.
ويبدو أنه قد آن الأوان وأن القوى الثورية أحست بخطئها التاريخي واستعدت لتداركه يوم 20 أبريل الجاري .. السيناريو المطروح قد يبدو مفزعاً لمن لا يفهم معنى وقيمة " ثورة 25 يناير" وأهدافها النبيلة نحو تحرير إرادة شعب مصر من قبضة نظام مستبد وقوى متكالبة في الداخل والخارج، لاسيما أنه يتحدث عن خطة محكمة لانتزاع السلطة من المجلس العسكري وتشكيل "مجلس قيادة الثورة"، من الأسماء التالية: (د.عبدالمنعم أبو الفتوح- د.أيمن نور- د.محمد البرادعى- خالد على- حمدين صباحى- د.محمد البلتاجى- د.حازم أبو اسماعيل- أبو العز الحريرى- محمد أبوحامد - زياد العليمي - مصطفى الجندي)، على أن يتولى هذا المجلس الرئاسي تشكيل حكومة ثورية، والإشراف على وضع دستور جديد للبلاد، وانتخاب رئيس الجمهورية.
ولا أدري على أي أساس تم إختيار هذه الأسماء ولكن من الواضح أن القوى الثورية أردات أن تحدث توافقاً بين التيارات السياسية لتعيد وهج التقاء كل المصريين حول هدف واحد مثلما فعلوا في 25 يناير، ولكي يتساموا فوق خطايا العام المنصرم والتي سقط في وحلها الجميع.
المقلق -ما لم يتم حسابه جيداً- هو أن القوى الثورية هددت بأنه في حالة عدم استجابة المجلس العسكري حتى يوم الأحد 22 أبريل، سيتم الزحف الثوري العام من كل محافظات مصر ابتداء من فجر الاثنين 23 أبريل باتجاه القاهرة، ولن تكون النهاية في ميدان التحرير بعد انتهاء مهلة جديدة مدتها 48 ساعة ستعطي للمجلس العسكرى لتسليم السلطة للمدنيين، بعدها يتم الزحف نحو المؤسسات وطرد المسئولين منها، وآخر محطات الزحف في حال لم يستجب المجلس العسكري سيكون التوجه نحو مقر وزارة الدفاع بالعباسية للقبض على أعضاء المجلس العسكري وتسليمهم للمحاكمة الثورية، مع التأكيد على دور الجيش المصري العظيم في حماية الثورة، والتعويل عليه في استكمال المرحلة القادمة، والفصل التام بين الجيش الذي قوامه جنود أطهار من كل بيت في مصر، وبين رأس النظام المتمثل في المجلس العسكري والذي قامت الثورة من أجل اسقاطه.
يبقى هذا مجرد سيناريو يتوهج في عقول الشباب وفي عالمهم الافتراضي، لكن إلى أي مدى ستتوافق حوله القوى السياسية؟ وإلى أي مدى سيشعر الإخوان بأنهم كانوا مخطئين عندما انفصلوا عن الثورة وراحوا يدبرون أمرهم مع المجلس العسكري في سنة ظلماء؟ وإلى مدى سيجمع هذا السيناريو شتات التيار المدني والليبرالي؟، وإلى أي مدى سيتقبل المجلس العسكري هذا الخروج المهين؟ وكم من الضحايا ستسقط لو صمم الشباب على المضي قدماً في هذا السيناريو؟ وإلى أي مدى سترضى القوى الخارجية المتربصة بمصر بهذا المنحى الثوري؟ أسئلة بمدد الألم تبحث عن إجابات شافية، لكن الإجابة الوحيدة التي لا تقبل الجدل هي أن الشعب عندما يقرر النزول للشوارع والميادين ويهتف "يسقط النظام" .. لا يمكن أبدا أن يرجع .. "وايده فاضية"!
|