التاريخ : الأحد 22 april 2012 01:01:14 مساءً
إستمر الصراع على الهيمنة والسيطرة على مقاليد الحكم فى مصر خلال العشر سنوات السابقة لثورة يناير بين الحرس الجديد والحرس القديم، وذلك على مرآى ومسمع ورضاء تام من الرئيس المخلوع، فتارة يطلق العنان للحرس الجديد بقيادة جمال مبارك وبمساندة الرجل القوى داخل الحزب الوطنى المنحل ومهندس التنظيم احمد عز، وتارة أخرى يحزم العنان الحرس القديم بقيادة صفوت الشريف وبمساندة الرجل القوى داخل مؤسسة الرئاسة ورئيس الديوان زكريا عزمى، وقد بدا واضحاً قمة التوتر وإحتدام الصدام فيما بين التيارين خلال الثمانية عشر يوم التى إستمرت خلالها الثورة.
ثم جاءت المفاجأة حينما شعر الرئيس المخلوع بتفاقم الأزمة وخروجها عن السيطرة أن إحتكم الى فريق ثالث يتمتع بثقته المطلقة وولائه التام من ناحية ويتمتع بالخبرات الكبيرة التى تمكنه من ادارة الأزمة من ناحية أخرى، وقد تكون ذلك الفريق من الثلاثى وزير الدفاع المشير حسين طنطاوى ووزير الطيران الفريق احمد شفيق ورئيس جهاز المخابرات اللواء عمر سليمان.
الغريب فى الأمر هو قبول المشير طنطاوى لشغل منصب وزير تحت رئاسة الفريق احمد شفيق وهو الأقل من حيث السن والخبرة والرتبة العسكرية، ثم يقبل الأثنين معاً أن يصبح اللواء عمر سليمان نائب لرئيس الجمهورية وهو أقل من الأثنين معاً من حيث الرتبة العسكرية.
وحينها طرح التساؤل كيف يكون المشير وزيراً والفريق رئيساً للوزراء واللواء نائباً لرئيس الجمهورية، وكانت الإجابة حينها أن ما بين الأشقاء الثلاثة المشير والفريق واللواء ما يجمعهما أكثر بكثير مما يمكن أن يفرقهما.
وإنتهى العهد البائد - كما ظن الجميع - بخروج كل من اللواء والفريق من المشهد السياسى وإستمر المشير يحظى بإنتباة الجميع، وإستمرت المرحلة الإنتقالية بكل ما فيها من أخطاء وكوارث يرى البعض أنها صدفة لقلة الخبرة، ولعل المثل الأوضح على ذلك هو رفض المجلس العسكرى قرض صندوق النقد الدولى بقيمة 3.2 مليار دولار بعد موافقة الصندوق على منحه لمصر، ثم يعقبه وبعد عدة أشهر مساندة المجلس العسكرى للحكومة للحصول على ذلك القرض على الرغم الصعوبة فى المفاوضات و المغالاة فى الشروط، ويرى البعض الأخر أن تلك المرحلة مخططة وممنهجة ولا يقدر عليها سوا فريق مخابراتى محترف، ولعل الدليل على ذلك هو الإستمرار المتوالى لتدهور الوضع الاقتصادى والفشل فى استرداد الأموال المنهوبة والتباطؤ فى محاكمة رموز النظام البائد وحالة الإنفلات الأمنى التى يشهدها الجميع.
ثم ظهر فجأة مرة أخرى واقتحم المشهد السياسى كل من الفريق واللواء عندما فتح باب الترشح لإنتخابات الرئاسة، ليتوحد مرة أخرى كافة التيارات السياسية فى مواجهة محور الفلول، وبقرار من اللجنة العليا للإنتخابات الرئاسية أشبه بما يفعله سحرة فرعون تم إستبعاد اللواء وتم الإبقاء على الفريق، ولكن فى مقابل ذلك تم إقصاء عناصر القوة من حلبة السباق وفى مقدمتهم خيرت الشاطر الشخص القوى داخل جماعة الإخوان المسلمين والقاطرة حازم صلاح أبو اسماعيل الذى توقع الجميع أن يصل الى كرسى الرئاسة فى أسرع وقت ممكن، ليصبح الطريق ممهد أمام فريق إدارة الأزمة لتصعيد الفريق على كرسى الرئاسة ما لم يكن هناك سيناريو آخر لا يعلمه سوى فريق إدارة الأزمة المشير والفريق واللواء.
وقد تحقق على ما يبدو كل ما أراده فريق إدارة الأزمة، فقد نجح وبإقتدار فى أن ينهى الثورة ويشتت القوى ويزيد من الصراع بين القوى المدنية والتيارات الإسلامية وليصل فى النهاية الى حيث يريد، وليجعل الموقف يصعب على التوقع بل والفهم من قبل الجميع ومازال يحتفظ لنفسه بكافة أوراق اللعبة، ويبقى التساؤل هل حقاً الثلاثى المشير والفريق واللواء يعملون معاً لما فيه خير مصر ومطالب الثورة أم أن الثلاثة يشتغلونها.
إنها أحد القضايا المهمة التي تواجه كل فرد من أفراد الشعب المصرى وتحتاج إلى إعادة التفكير.
|