التاريخ : السبت 28 april 2012 05:56:09 مساءً
كانت «مليونية» أمس بامتياز هى «مليونية لم يحضر أحد»، أشعل الإخوان الموقف ووجهوا دعوات مكثفة لحماية الثورة وإنقاذها، وفى النهاية لم يحضر صاحب الدعوة أو حضر على استحياء بعشرات الأشخاص أو المئات فى محافظات مختلفة.
لا يمكن أن ترى الجهد الذى تبذله الجماعة وتحاول أن تسوقه وتروجه فى الشارع وتسوق الناس خلفه دون أن تربط صعوده وهبوطه بأجندة الجماعة وصعود وهبوط مصالحها ومدها وجزرها، فى سياق علاقة ملتبسة مع المجلس العسكرى.
يعرف الإخوان قبل غيرهم أن قانون «عزل الفلول» الذى حسموا أمره بأغلبيتهم ونزلوا الشارع للدفاع عنه غير دستورى، لكنهم يكابرون فى الخطأ، المؤكد أن القانون كان ومازال مطلبا ملحا للثورة، لكن البرلمان وفى القلب منه الأغلبية القائدة لم تفكر فى طرحه حين انعقد البرلمان، انشغلت بالدفاع عن كرامة المشير مع زياد العليمى، وبالدفاع عن وزير الداخلية لإثبات إن «مفيش خرطوش اتضرب» وتركت المسألة برمتها رغم أن الفريق شفيق نفسه أعلن ترشحه للرئاسة من قبل الانتخابات البرلمانية.
هو قانون إذن تم «سلقه» خصيصا من أجل عمر سليمان، برلمان يستهدف بتشريعه شخصا واحدا، وقد خرج عمر سليمان، لكن الإخوان مازالوا يدافعون عن القانون، ويهيجون الناس به، ويهاجمون عمرو موسى ويعتبرونه من «الفلول»، لكنهم لا يردون على أحد حين يقول لهم إذا كان موسى فلولا فلماذا قمتم باستئنائه من قانونكم؟ قطعا لأن إدراج الوزراء كان سيطول المشير شخصيا، وفتح المدة الزمنية أكثر من 10 سنوات كان سيطول رئيس الحكومة.
هم إذن يتحركون وفق مواءمات تخصهم، لا يحركهم انتماء خالص للثورة، والدليل أنهم وجهوا الدعوة للناس للنزول إلى الميادين لـ«إنقاذ الثورة» أمس الجمعة، ولأن لديهم موعدا مع المشير اليوم، ولا يليق أن يهتفوا بسقوطه الجمعة ثم يلتقونه طالبين دعمه السبت، فقد ذهب المدعوون إلى الميادين ولم يجدوا الداعى.
الإخوان يشككون اليوم فى لجنة الانتخابات، دون أن يردوا على أسئلة مباشرة، هذه اللجنة أفرزتها التعديلات الدستورية التى قلتم لها نعم، وتحصينها من الطعن هو نص تم التصويت عليه فى «غزوة الصناديق المباركة» لكنهم يهاجمون لجنة نشأت من نصوص شاركوا فى إعدادها ــ اللجنة رأسها طارق البشرى وهو مقرب من التيار الإسلامى ــ وكان فقيههم القانونى صبحى صالح عضوا فيها ــ والغريب أنهم يقولون إن وجود المستشار عبدالمعز إبراهيم يكفى لتعزيز شبهات التزوير، وكأن عبدالمعز الذى أدار الانتخابات البرلمانية التى جاءت بهم للبرلمان كان فوق الشبهات، وعبدالمعز الذى سيشارك فى إدارة الانتخابات الرئاسية هو الشبهات نفسه.
تشغل الأغلبية البرلمانية الشارع بالمعارك الخطأ، تستخدم كل أدواتها فى قضايا هى تعرف أنها ستنتهى إلى لا شىء، لكنها تستخدم هذا الاستهلاك الدعائى فى التعامل مع المجلس العسكرى، هى تعلم بمصير قانون عزل الفلول لكنها صوتت عليه ودعمته ونزلت الشارع من أجل تفعيله، وفى النهاية لم ينفع القانون الثورة فى شىء، لاحظ كذلك أنها مازالت تلعب بورقة سحب الثقة من الحكومة، دون أن تجد فى النهاية إجراء واحدا يصب فى طريق تحقيق ذلك، وفى كل مرة تحدد الأغلبية مواعيد وتخلفها، وتواجهها الحكومة بتحدى: «لا تقدرون» وهم يعلمون ذلك ويدركون أن الأمر يحتاج «إذن ورضا» العسكرى، لذلك فهم سيبيعون أى شركاء ميدان أو ثورة فى أى لحظة من أجل رضا العسكرى، وتبخرهم من الميدان حتى عصر أمس يكفى لتعرف أن الجماعة التى قالت إنها تحاول إنقاذ الثورة، تجهز نفسها بكثير من الصمت والهدوء لتكون اليوم فى حضرة المشير.
|