التاريخ : الخميس 03 may 2012 07:59:05 مساءً
ستمر الأزمة المصرية السعودية الحالية لأن الرياض تحتاج القاهرة، والعكس صحيح، والمملكة لا تحتمل خصام مصر، والعكس صحيح، والمصريون لا غنى لهم عن بلاد الحجاز كما السعوديون لا غنى لهم عن بلاد النيل، ستمر الأزمة كما مر غيرها فلا داعى لأن تتدخل الأنظمة الرسمية وتمارس فشلها الذريع وخيبتها القوية إما بقطع العلاقات أو تقديم الإعتذارات، لأن التصرفات الرسمية هى التى تؤجج إحتقان الشعوب بدلا من ان تدفعها للتهدئة.
الحمد لله الذى اظهر حقيقة الرجل المدعو حازم صلاح أبو اسماعيل قبل أن تتوط فيه البلاد وينال فيها أمرا من أمور الحكم، فالرجل ظهر جليا أنه لا يعبأ بالدماء، وفى كل المواقف "باع" الرجل من "بايعوه" وتركهم فى مواجهة البطش العسكري أمام وزارة الدفاع فى العباسية، وأتضح أن للرجل مهارة فى المواربة واللف والدوران وإحفاء الحقائق وإيهام الناس بما ليس عليه، بخلاف عنفه وعصبيته الزائدة وجرأته الشديد فى اتخاذ القرارات وإستنتاج الامور بناء على بيانات خاطئة يجيد ترويجها للناس وكأنها هى "الحقيقة المطلقة".
لا أفهم سببا مقنعا واحدا للإعتصامات التى بلغت حدود قدس أقداس "العسكر" فى مبنى وزارة الدفاع بالعباسية، غالبية المعتصمين "من ولاد أبو اسماعيل" الذين يريدون حل اللجنة العليا للإنتخابات الرئاسية وتعديل بعض مواد الدستور وفى مقدمتها المادة 28.. وإن كان شباب الثوار قد إنضموا لمن كفروهم بالأمس واتهموهم بالخيانة والعمالة والفوضى، من باب "أدينى بعلم عليك" و"أنا أجدع منك" فإن، تصاعد الأمور سيهدر دماء الجميع فى مواجهة قوة باطشة لا تتورع عن القتل بكل الأسلحة "رصاص حي - مطاطي – خرطوش - غازات محرمة – قناصة – سحل – بلطجية" ونحن إكتفينا من الدم ولم يعد لنا طاقة ولا إحتمال.. ولكن المؤكد أنه بنهاية الاحداث وحين سنحصد ما نجنيه سنضم الى أرقام القتلى رقم جديد ووجع جديد .. وأخطر ما فى هذا الوجع .. أننا أصبحنا نعتصم ونتظاهر من أجل الفرد .. ونسينا الثورة وأهدافها.
أخيرا إرتدى الدكتور محمد البرادعي "العفريتة" وشمر عن ساعديه وقرر النزول الى الشارع بتأسيسه حزب الدستور، فالحياة الحزبية فى مصر "بهدلة"، تحتاج الى نفس طويل، ومتابعة التنفيذ، والتجوال فى ربوع البلاد، ودقة الإختيار، ودوام الرقابة.. وتلك معارف ومهارات وخبرات سيكتسبها البرادعى حزبه، قبل أن يعترك الحياة السياسية فى أقرب محطاتها القادمة، فإذا أحسن البداية نجح فى إكتساب إحترام الناس ليصل فى النهاية الى خط النهاية وهو يحكم مصر.
الى الذين يطالبون اليوم بحل اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بحجة أن قراراتها لا يطعن عليها أمام القضاء أقول ان التعديلات الدستورى الذى وافقتم عليه بالأمس دون ان تقرأوا مواده يقول أن اللجنة العليا لجنة "قضائية" وليست "إدارية" كما يدعون، وقراراتها بمثابة الحكم القضائي، ولا يجوز للجنة تتولى إدارة عملية إختيار الرئيس القادم أن يكون لها للمراجعة، فلا يعقل ان ينتخب رئيس ثم يطعن عليه بعد ان يتولى الحكم فيكون القرار عد كما كنت الى مرحلة إنتقالية جديدة.. والله أعلم.
ينقسم مجتمع الاعمال فى مصر الان بين فريقين.. الاول أخذته مشاعر الارتباك والخوف عقب الثورة فإنكمش وتقوقع ثم أجبرته المدة الطويلة للمرحلة الإنتقالية المرتبكة الى العودة الى السوق قبل أن تتأكل ثروته فعاد.. اما الفريق الثانى فهو رأس المال السياسي الذى لا يستطيع الاستمرار الا وفقا لقواعد النظام السابق وهذا هو النظام الذى لم يسقط وإنما سقطت رؤوسه.. مصر مقدمة على تغيير كبير سيجبر الجميع على العودة.. لأن رأس المال جبان.. والأهم فيما بعد هو تغيير قواعد اللعبة.
|