التاريخ : الجمعة 04 may 2012 03:37:39 مساءً
في ظل هذا الهزل السياسي الذي نعيشه، لا نملك الآن إلا التشبث بالأمل في انتخابات رئاسية نزيهة تعبر عن إرادة الشعب الحقيقية، والواجب الوطني يحتم علينا جميعا أن نحتشد اليوم لاختيار الرئيس القادم لعلنا نبدأ معه أو ضده الثورة الحقيقة ضد الفساد السياسي، والتخلف الاجتماعي، والرجعية الثقافية، والفتنة الطائفية، وانتهاك الكرامة المصرية.
أكتب هذا الكلام بنصف قناعة وربع إيمان في إمكانية تحقيقه، لأن ما حدث في 11 فبراير 2011، سابقة/خطيئة تاريخية، فلن تجد في تاريخ الأمم والشعوب رئيس مخلوع (يقرر ويكلف) في لحظة سقوطه إلا في مصر: "قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بادارة شئون البلاد" .. لتبدأ بعد هذا التاريخ سلسلة عروض (المسرحية الانتقالية)، متعددة الفصول ومعقدة الألغاز، لكنها تدور حول مضمون واحد وهو "الفتونة" السياسية سواء من قِبل الحاكم "العسكري"، أو من قبل جماعات الإسلام السياسي التي تريد أن تحكم.
ما أفهمه أن ما بني على خطأ فهو باطل، حتى لو اتفق الجميع على ضرورة حماية التجربة الديموقراطية التي تتيح للشعب ممارسة حقه في اختيار نوابه ورئيسه، لكن الجميع أيضاً يغضون الطرف عن سلامة المرحلة الانتقالية وضرورة أن تتأسس على احترام القيم والنصوص الدستورية كأولى بديهيات أي تجربة ديموقراطية محترمة في العالم، وإلا كيف سنؤسس لتجربة ديموقراطية بآليات تنتهك الديموقراطية؟، إن الدستور الذي احتكم اليه المصريون في معالجة أزمة 11 فبراير 2012 يقول: يتولى الرئاسة مؤقتا رئيس المحكمة الدستورية العليا وليس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ولذلك كل الانجازات التي صورت للناس من بعد هذا التاريخ على أنها انجازات تاريخية هي في حقيقتها إجراءات ترقيعية هشة ومشوهة وقابلة للسقوط في أي لحظة .. وستسقط إن عاجلاً أو آجلاً.
الانتخابات الرئاسية النزيهة هي أمل كل المصريين، ولكنه صعب المنال في ظل الفوضى العارمة التي تضرب المشهد المصري، استفزاز "العسكري" بإحكام سيطرته على كل مفاصل الدولة وتنصيب نفسه الحاكم والقاضي والمشرّع، واداء هزيل للأحزاب السياسية التي تصٍر على الاستمرار في ممارسة دورها التاريخي "كخيال مآتة"، وصراع إجتماعي بين ومع كل التيارات الفكرية والدينية، وغياب شبه تام وتشويه متعمد لمؤسسات المجتمع المدني التي تعد العامود الأهم في بناء أي تجربة ديموقراطية حقيقية، واستخفاف بأعلى سلطة في الدولة "السلطة التشريعية" ممثلة في البرلمان بمجلسيه والذى اُنتخب –كما يقولون- بإرادة شعبية حرة، وهذا كله بسبب أننا شرعنا في البناء قبل إزالة الأنقاض.
نحن المصريون أمام اختبار صعب جداً، وأخص كل مصري له حق التصويت في الانتخابات، أياً كان دينه أو إعتقاده أو فكره، كلنا كمصريين ليس أمامنا طريق آخر غير المراهنة على الفوز في معركة الانتخابات الرئاسية، إذا إستطعنا أن نقبل بعضنا ونتفهم أن من قرر منح صوته لمحمد مرسي من المستحيل أن نقنعه بالتصويت لأحمد شفيق، وأن من قرر تأييد حمدين صباحي مستحيل أن نقنعه بالانضمام إلى فريق شفيق أو جماعة مرسي.. عندها فقط نكون قد فزنا.
ومهما كان شخص الرئيس القادم وانتمائه وصنيعته، الثورة ستستمر في كل الميادين والعقول حتى تحقق أهدافها، ولن يتوقف الحراك الثوري عند انتخاب الرئيس كما يتصور البعض، بالعكس سيستمر الشعار باسقاط كل من يقف في وجه مشروع بناء الدولة المصرية المدنية الحديثة حتى ولو طال الرئيس القادم سنهتف ضده من الآن .. "يسقط الرئيس القادم".!
|