التاريخ : السبت 12 may 2012 08:36:15 مساءً
الأرجح أن الفائز فى المناظرة التاريخية باعتبارها الأولى لم يكن أحد المتناظرين، لا عمرو موسى ولا عبدالمنعم أبوالفتوح، ربما كان أحد المتنافسين القادمين من الخلف، كشفيق أو حمدين صباحى أو حتى محمد مرسى، لكن المؤكد أن كليهما خرج على الشاشة ليثبت أنصاره حوله دون أن يحاول أى منهما أن «يزعزع» أنصار الآخر، أو يستقطب من الكتلة الحائرة التى تبلغ ثلث الأصوات حسب آخر استطلاع لـ«الشروق».
هل سمعت برامج حقيقية؟ لا أعتقد، ربما نظام المناظرة وقانونها لم يمنح الوقت الكافى للمرشحين لعرض رؤاهم كاملة، لكن المؤكد أن كل المرشحين بلا استثناء تتشابه برامجهم إلى حد كبير، وتكاد تتطابق حتى مع ما كان يطرحه الحزب الوطنى من وعود وردية لا ينفذها، كما تتطابق مع حديث أى مواطن يمكن أن تلقاه فى مقهى أو وسيلة مواصلات، الجميع يحدثك عن الرعاية الصحية الكاملة وتوفير الوظائف وهيكلة الداخلية، وغيرها، وكان من المفترض أن ترى التمايز فى أساليب التطبيق والتمويل، لكن مرشحينا باعتبارهم مثلنا تماما مستجدون ديمقراطية يبنون برامجهم على الشعارات وفقط.
ركز كلا المرشحين على الجوانب الشخصية التى يعتبرها إيجابية فى شخصيته ويعتبرها سلبية لدى الآخر، بذل أبوالفتوح معظم الوقت فى تأكيد ما هو مؤكد «عمرو موسى كان يعمل فى النظام» ورد موسى بما هو مؤكد أيضا «أبوالفتوح أصولى»، لكن هذا التركيز من جانب أبوالفتوح لم ينفعه وإنما ضره، فدرجة الوضوح عند عمرو موسى أكثر، كل أنصاره يعلمون تماما أنه كان وزير الخارجية، لكن جزءا كبيرا من أنصار أبوالفتوح من خارج الدائرة الأصولية، كان يحدث نفسه أن الرجل خرج تنظيميا من هذا التيار، ويطرح نفسه جسرا بين التيارات، لكن موسى جره لقضايا الشريعة والردة ودفعه للفخر بانتمائه للجماعة الإسلامية، فشجع من فى قلبه مرض على إعادة التفكير.
فرط موسى أيضا فى فرصة جاءته، ففى الوقت الذى طرح فيه أبوالفتوح نفسه من داخل معسكر الثورة وزاد وعاد فى هذا المعنى، قال موسى جملة عابرة حول خبراته وتجربته وكونه رجل دولة، وكان من المفترض أن يمسك فى هذا المعنى ويلح عليه، باعتباره يجد صدى لدى قطاع هائل من المترددين، وأيضا من مؤيدى أحمد شفيق، الذين ينشدون الاستقرار السريع ويبحثون بالفعل عن رجل دولة يثقون فى خبراته.
كان موسى أكثر خبرة وحنكة حتى فى الهروب من الزنقات الفتوحية، سبق له أن ناظر وزير خارجية إسرائيل السابق شلومو بن عامى، وبدا أنه أكثر خبرة فى التعامل مع هذه المناظرات، خاصة فى غمزه ولمزه منافسه باحتراف، لكن أبوالفتوح كان أكثر حماسة، وبدا أكثر صدقا مع الحالة الثورية، وبدا المشهد منقسما بين حالة الثورة وحالة الدولة، وهو استقطاب سيحسمه الثلث الصامت إن تحرك قبل هذه الانتخابات.
كان موسى اكثر واقعية فى الحديث عن الراتب والقصور والمخصصات، وكان أبوالفتوح أكثر رومانسية، الأول تحدث بصدق واضح عن وظيفة لها راتب ومستوى من الفخامة له مدلول عند ضيوف البلد، والثانى أراد دغدغة مشاعر الناس وفقط.
مكمن الثقة فى أبوالفتوح كان فى صوته، فيما كانت الثقة لدى موسى فى حركة جسمه، تحدث أبوالفتوح كمرشح يسعى للفوز بمقعد الرئاسة، فيما تحدث موسى كرئيس فعلى ربما يحاول تجديد مدة رئاسته، بدا فى موسى بعض من عجرفة المسئول، وبدا فى أبوالفتوح كثير من تواضع المواطن، لكن فى النهاية لم ينجح أى منهما فى أن يخرج وفى جعبته مزيدا من المؤيدين، زادت المناظرة فى تكريس رفض قوى الثورة لموسى، لكنها لم تمنح لأبوالفتوح تأييدها المطلق، فيما تركت لديه شرخا بين من يؤيدونه من ليبراليين ويساريين وأقباط، وإذا كان هناك من نجح مساء أمس الأول فهو الرباعى الإعلامى الذى صنع هذا الحدث «دريم وأون تى فى و«الشروق والمصرى اليوم» وأدار بحياد ومهنية لصالح المواطن.
|