التاريخ : الأربعاء 16 may 2012 03:13:47 مساءً
السباق الرئاسي تحول إلى ساحة لصراع الأفاعي، يتقاتل فيه الجميع وينفث سمه للقضاء على الآخر وتحطيمه وتشويه صورته، بعيدًا عن إثبات الذات وخطاب العقول ببرامج واقعية تناسب المرحلة وتُلبي طموحات المصريين، واتخذ الجميع مبدأ "حطّم الجميع حتى لا يبقي خيار سواك"، هكذا يفعلها عمرو موسى على اعتبار أنه المرشح ذو الخبرة الواسعة، وصاحب التاريخ الدبلوماسي العريق، الذي سيأخذ مصر إلى بر الأمان خلال 100 يوم، وأيضًا يلعبها محمد مرسي مرشح الإخوان، على اعتبار أنه ممثل العناية الإلهية في الانتخابات الرئاسية.
أما "أحمد شفيق" المرشح الرسمي للفلول في الانتخابات، فيجاهد لإثبات أنه ليس منهم رغم أنه يعتمد على أصواتهم بشكل كامل، ويسعى بكل ما لديه من تمويل أو دعم اقتصادي من رجال الأعمال المستفيدين من نظام مبارك لمحاربة القلة المندسة في ميدان التحرير التي خرجت يوم 25 يناير لإسقاط مبارك، واليوم تسعى لمواجهة إعلامية وسياسية لإسقاط "شفيق".
ولا يمكننا أن ننسى كلًا من "أبو الفتوح" و"حمدين صباحي" اللذين يتنافسان على ميدان التحرير، والصراع الخفي لاجتذاب أصوات الثوار، رغم أنهم جميعًا لم ينجح منهم أحد في انتخابات مجلس الشعب، وليس هذا عيبًا في حد ذاته، وإنما تنافس على كتلة تصويتية غير مؤثرة، ورغبة دفينة في الحصول على مجد ثوري لم يصنعاه.
أما الثنائي "خالد علي" و"أبو العز الحريري" فيعلمان جيدًا أن فرصتهما في الفوز ضعيفة، في مواجهة التكتلات الدينية والفلولية الموجودة على الساحة، ورغم ذلك يحاولان كسب شعبية وجماهيرية وهمية لتساعدهما في الانتقال من "كادر ناشط سياسي" إلى "كادر مرشح رئاسي" مع حزمة من الضوء والشو الإعلامي لمساعدتهما في حياتهما العملية القادمة.
أما المرشحان "محمد سليم العوا" و"هشام البسطويسي" فيلعبان دور الرجل الثاني في "فيلم الرئيس" ويعلمان جيدًا أن فرصتيهما في الفوز ضعيفة جدًا، خاصة أنهما لا يمثلان تيارًا سياسيًا أو دينيًا معينًا، واكتفيا بلعب دور المنظرين الإصلاحيين في لعبة الانتخابات، معتمدين على التاريخ الأكاديمي العريق لكل منهما دون أن يكون لهما تأثير على الشارع المصري، في حين يظل باقي المرشحين في بؤرة النسيان سواء في البرامج التلفزيونية أو الصراعات السياسية والأيديولوجية مكتفيين بتسجيل موقف من المشاركة في الانتخابات الرئاسية.
لقد تحولت الانتخابات الرئاسية إلى وكر للأفاعي يبحث فيها كل طرف عن فرصة للدغ الآخر في مقتل مستغلًا الآلة الإعلامية الجبارة التي صنعتها أيدي الفساد، وشارك في تضخيمها حالة الفوضي والانفلات وعدم احترام القانون التي تعيشها البلاد، وتحول بعض أعضاء البرلمان إلى جنود مجندة لخدمة مصالح الأهداف السياسية للمرشحين سواء بعلمهم أو دون أن يعلموا، حتي بات الأمر وكأنه معركة لتصفية الحسابات، وفرض العضلات، وتعويض حرمان الماضي وإشباع رغبات الانتقام المكبوتة.
وتلاعب الجميع بأحلام المواطن المصري البسيط الذي مازال يبحث عن لقمة العيش، والسكن البسيط، والأمن والأمان المفقودين، ووضعت البرامج على خطي برامج الحزب الوطني المنحل، بل على العكس من ذلك، كان برنامج الحزب الوطني يحمل في طياته أفكارًا ورؤى أكثر تفاعلًا وقوةً في التعامل مع الشعب المصري، وساروا على خطي الحزب في الآليات التي لا تستند إلى الواقع، والأحلام الوردية البعيدة المنال.
كلهم فاسدون إخواني أو ليبرالي، ناصري أو اشتراكي، ثوري أو فلول، كلهم يتاجرون بأحلام المصريين، ويستغلون شغف الشعب للوصول إلى كرسي الحكم، يتلونون ويتحولون ويغدرون كالأفاعي، واللدغة الكبرى ستكون من نصيب "مصر" وشعبها المخدوع. |