التاريخ : الثلاثاء 22 may 2012 12:36:29 مساءً
"الصلاة يا جماعة الصلاة" .. قالها أكثر من مرة ولمّا لم يجد الاستجابة التي ترضيه رفع رأسه وحدّق فينا قائلاً: آه أنتو جماعة حمدين؟ وكأن جماعة حمدين من كفار قريش.
هذا الاعتقاد الخاطئ لدى أحد أفراد حملة دعم محمد مرسي مرشح الاخوان المسلمين لم يأت من فراغ، وما قاله بعفوية - وهو يدعونا إلى الصلاة في ساحة سفارتنا بالكويت- هو فكر متأصل في عقول أعضاء "الجماعة" بفعل فاعل، وفي الساعات الحاسمة من المارثون الانتخابي برزت هذه الأفكار المتطرفة والاعتقادات المشوهة في صورة فتاوى معلّبة تكفّر كل من لا ينتمي إلى تيار الإسلام السياسي وتطعن في كل من لا يتضمن برنامجه تطبيق الشريعة الاسلامية، وانتشرت المقالات على الموقع الرسمي للإخوان تصف مرشحي اليسار بـ "من لا اله لهم".. وتصف المرشح المنشق "بالخوارج"، في إشارة إلى الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي "يشاع" أنه انشق عن جماعة الاخوان المسلمين.
في الحرب الانتخابية كل الوسائل مشروعة ما دام القانون لا يطبق بمسطرة واحدة على الجميع، وما دامت سلطة تنفيذه تعاني القصور والضعف، (وهذا أفضل الظن)، لكن عندما تلبس الجرائم الانتخابية ثوب الدين فالأمر هنا يصبح أكثر تعقيداً وحساسية وإثارة للمخاطر ضد لكل الأطراف.
نحن على استعداد أن نتفهم جرائم شراء الأصوات التي تمت في الكويت والسعودية لمصلحة مرشح الإخوان، لأن المال السياسي من الجرائم التاريخية التي رغم الحرب الضارية التي تواجهها لا تزال موجودة في أغلب الانتخابات في العالم، وسوف نتفهم أيضا حشد الجماعة لمرشحهم ونقلهم الناخبين في باصات النقل الجماعي وسنعتبرها "شطارة إخوان"، لكن أن تُسخر الجماعة النصوص القرآنية المقدسة في خدمة مرشحها فتُكفّر من تشاء وتمنح صك الايمان لمن تشاء وتدغدغ مشاعر الناس بالخطاب الديني كيفما تشاء فهذا يصعب قبوله، وسنتصدى له بكل ما أوتينا من يقين بأن الإسلام أكبر وأشمل وأوسع من مجرد جماعة سياسية تطمع/تطمح في السلطة، بغض النظر عن مشروعية وسائلها في الوصول إلى غايتها.
لا أريد أن أدخل في شرك "الجماعة" وأسرد لهم نصوصاً قرآنية في النفاق والكذب ونقض العهود والوعود، وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق وبأنهم يحرفون كلام الله عن مواضعه، ويكفيني أنني أعرف ديني جيدا، ولا أحتاج أن أكون عضوا في هذه الجماعة حتى أكون مسلماً، وفي الوقت نفسه أفتخر بكوني "حمديني" داعم ومشارك في حملة المرشح حمدين صباحي التي تضم مسلمين وأقباطا من مختلف الأعمار والتخصصات والمهن والاتجاهات الفكرية، التقينا حول مشروع الحلم بالدولة المصرية المدنية الديموقراطية القوية الحديثة، وجمعنا حمدين صباحي بأفكاره ومشروعه وبرنامجه وطموحه قبل شخصه، تداعينا من تلقاء أنفسنا وقررنا أن ننتصر لأفكارنا وحلمنا بمصر التي نريد .. وماذا بعد أن تؤمن بفكرة ومشروع وتحلم به ثم تنزل إلى الشارع لتشارك وتهتف وتسعى بكل ما أوتيت من وقت وجهد - وإن تطّلب ذلك مالاً- من أجل تجسيد هذا الحلم؟
نعلم أن انتخاباتنا في الخارج ليست مقياسا للداخل، ونعلم أيضا أنها ترضية هزلية للمصريين بالخارج لا تعبر بحال من الأحوال عن الإرادة الحقيقية لحوالي 10 ملايين مصري حول العالم، بل أكثر من ذلك أعترف بأنني ومن معي أُحبطنا في مرحلة من المراحل وكدنا نقاطع هذه المهزلة بعدما اطلعنا على آلية التصويت التي تسمح بعملية تزوير مريحة جداً، لكننا تمسكنا بالحلم وصدقنا حديث قنصلنا العام في الكويت: "لا نملك إلا أن نثق بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة".!
اليوم، ونحن نقطف أولى ثمار ثورة 25 يناير التي نتمنى لها أن تستكمل أهدافها بأقل الخسائر على مصر والمصريين، علينا جميعا أن نختار بعقل وحكمة وروية بين مصر في عهدة الاخوان بمرشحيها محمد مرسى وعبد المنعم أبو الفتوح، وبين مصر في عهدة نظام آيل للسقوط بمرشحيه عمرو موسى وأحمد شفيق، وبين مصر في عهدة التيار المدني الديموقراطي بمرشحي اليسار الأربعة الذين خرجوا من رحم الثورة وأبرزهم حمدين صباحي. |