التاريخ : الخميس 24 may 2012 06:16:56 مساءً
أرجوكم أن تتوقفوا عن الأكل لدقائق معدودة تقرؤون خلالها هذا المقال الذى أهرب به معكم مما نحن فيه من توتر، وأكتشف مجددًا أن المرء يعجز دائمًا عن نسيان ما يخطط لنسيانه.
مشكلة زيادة الوزن تؤرق الجميع، سواء قرروا ذلك أو أنكروه، مع استثناء وحيد يتمثل فى أبناء المجاعات الذين سيحاسبنا الله عنهم يوم القيامة، وربما يعود جزء مما نعانيه من عقاب دنيوى إلى تقاعسنا عن أداء واجبنا نحوهم.
إذن، فليكن "معسكر التخسيس" هو الحل! أعترف أنى عندما فكرت فيه لأول مرة لم يكن ذلك بدافع إنسانى، ولا بهدف تخسيس أصحاب الكروش والتورمات الأخرى التى تفشل ملابس الصيف فى إخفائها، وإنما دفعنى للتفكير فى إقامة معسكرات التخسيس مناوشات دارت فى عقلى حول مستقبل مصر، وعدم استعدادى للاستمرار فيها لو استسلمت لعودة نظام مبارك.
بسرعة وجدتنى أقول لنفسى: سأهاجر إلى الصومال حتى لا يشكك أحد فى وطنيتى ورغبتى فى العيش فى بلاد الرفاهية والثراء، عربية كانت أو أجنبية.
اخترت أصعب ظروف الحياة تأكيدًا لنفسى على رفضى التام لعودة ملامح الماضى الكئيب على أى نحو. ولكن ماذا أفعل فى الصومال؟ هنا قفزت الفكرة فى مقدمة رأسى: معسكر التخسيس.. أقيم معسكرًا للتخسيس، وأدعو كل سكان العالم من أصحاب الكروش للإقامة فيه حتى يتخلصوا من دهونهم المتراكمة طبقة فوق طبقة.
تقوم فكرة المعسكر ببساطة شديدة على محاكاة حياة أبناء المجاعات.. تعيش مثلهم فى خيام، وتستيقظ مبكرًا لتقف فى طابور طويل وفى يدك إناء صغير، لتحصل بعد مشقة على سعة مغرفة واحدة من الأرز المسلوق المخلوط بمسحوق اللبن المجفف والمياه.
تشعر بالامتلاء وسدة النفس، وتسارع بدخول الخيمة هربًا من حرارة الجو! فى المساء تعيد نفس المشهد، وتحصل على خلطة حبوب توفر لك الفيتامينات المطلوبة. ربما يكون الفارق الوحيد فى معسكر التخسيس عن سائر المعسكرات الأخرى هو عدم وجود أطفال تحت العاشرة.
ميزة أخرى عظيمة يوفرها "معسكرى".. إنه يوفر مكتبة قيمة بكل لغات العالم فى كافة فروع الآداب والعلوم، كما يوفر لمن يرغب جلسات نقاش مسائية شديدة الهدوء.. لا ينفعل أحد أو يخرج عن شعوره، ليس تحضرًا فحسب، وإنما ضعفًا وهزالاً، بعد أن حُرِم تمامًا من عناصر الطاقة والسعرات الحرارية.
المشروع اقتصادى جدًّا. أعنى أنه سيحقق أموالًا طائلة، فقيمة أسبوع التخسيس لن تكون زهيدة، وهو ما يضمن إقبالاً أعلى! هكذا الناس.. يفضلون الغالى.
وحتى لا أفقد احترامى لنفسى، فقد قررت أن أقسم الموارد على النحو التالى: الربع لدعم أبناء مجاعات الصومال، والربع لدعم فقراء بلدى، والثلث لتغطية كافة المصروفات، والسدس (أى حوالى 16,7%) لى ولشركائى فى المشروع، هذا بعد سداد كافة الضرائب التى تفرضها قوانين الصومال.
نسيت أن أؤكد أن المعسكر سيوفر الأمان لرواده، كما سيوفر لهم رعاية وإشرافًا طبيًّا على أعلى مستوى.
من المتوقع –طبقًا للدراسات الأولية- أن تكون قيمة الأسبوع حوالى خمسمائة دولار بخلاف تكاليف السفر، مع استعدادنا لضمان أن يفقد ضيفنا خمسة كيلوجرامات أسبوعيًّا على الأقل.
لن يسمح باستمرار أحد لأكثر من ثلاثة أسابيع حتى لا يتعرض لأية مضاعفات صحية، والأهم من ذلك ألا يتحول إلى مركز قوة فى المعسكر.
ماذا أقول؟ مراكز قوى!! ألن أنجح من التخلص من كوابيس الماضى حى بعد أن "أطفش" من البلد؟ هل أظل أسيرًا لهموم وطنى ومآسيه وأنا هناك فى معسكر التخسيس؟ فيم الهجرة إذن إذا هاجرت بجسدك وظل عقلك وقلبك معلقين ببلدك؟ أأصرف النظر عن الفكرة كلية أم أستمر فيها دون أن أترك بلدى؟
يمكنك أن تبقى فى بلدك مناضلاً من أجل حقك وحق كل مصرى فى الحياة الطبيعية، مع عرض الفكرة للبيع فى الأسواق العالمية.
أما تعريفى لجمهورية مصر الطبيعية، فلن أمل من تكراره: إنها دولة تملك جيشًا قويًّا ومعاصرًا يخضع للإرادة السياسية المستمدة من الإرادة الشعبية الحرة.. دولة يخضع فيها الجميع لقوانين لا تعترف بالتمييز أو الاستثناء.
سأعيد النظر فى "معسكر التخسيس" بعد أن أعود من التصويت فى انتخابات الرئاسة حتى لا ألوم نفسى مستقبلاً وأنا جالس فى الصومال.
|