التاريخ : الأربعاء 30 may 2012 06:55:29 مساءً
حينما يطلع النهار، تختبىء الخفافيش فى انتظار عودة الليل من جديد، ففى الليل وحده، وتحت أستار الظلام تستطيع الخفافيش أن تمارس حياتها الطبيعية، فلا حياة لها فى النور.. هكذا أيضاً يحيا الفلول، عناصر النظام الفاسد البائد والتابعين، فمنذ أن اندلعت الثورة، وهم يقبعون فى جحورهم، خشية ذلك النور الذى شع من وجه الشهداء، والذى كاد أن يحرق كل هذه الكائنات الظلامية، إلا أن الاختباء كان بمثابة طوق النجاة، وظلت هذه الكائنات مختبأة، تحيك المؤامرة تلوالمؤامرة، وتنتظر فى صمت نتاج مؤامراتها علّها تنجح فى العودة لتمسك بزمام الأمور.
منذ أيام وقبل الانتخابات الرئاسية فوجئت بصخب على مواقع التواصل الاجتماعى يحدثه قيادات ومنتفين من النظام السابق لدعم المرشح "فشيق" رئيس وزراء موقعة الجمل، فهؤلاء كانوا مختبئين، لم نكن نسمع لهم صوتاً، وكانوا إذا تحدثوا تظن أنهم يتطهرون من أفعالهم، والجرائم التى اقترفها النظام الفاسد الذى ظلوا يدورون فى فلكه حتى انهار، لكن ما يكتبونه الآن وما يبدونه من إصرار لدعم مرشحهم، ومحاولة الالتفاف لكسب أصوات المطحونين من هذا الشعب أمر بقدر ما يدعوك للسخرية يدعوك لتتأمل.
فكيف لهؤلاء بعد أن خرج الملايين من الناس لاسقاطهم أن يعودوا من جديد، متخذين أسلوب "الخلاعة السياسية" لكسب أصوات ظلت مرتفعة "يسقط يسقط النظام" حتى بُحّت، فأجد من يتحدث عن البرادعى باحترام، بعد أن كان يسبه علناً ويشوه سمعته جهاراً، أجد الفشيق يتحدث عن الثورة وكأنه ثائر، مع أنه يعترف فى كل ظهور له أن "مبارك" هومثله الأعلى، وأن الثورة للأسف "نجحت"، وأن موقعة الجمل كانت احتفالاً، كيف نسمح لهؤلاء أن يحصلوا على 5 ملايين صوت ونظامهم أذلنا، وأمرضنا، وسرقنا، وأهدر كرامتنا، وكبل حريتنا، وأضاع أعمارنا هباءً، وقتل أبنائنا.. كيف ؟؟ هل مازلنا نباع ونشترى ؟؟
كيف يطمئن البعض لـ"الفشيق" ويقرر التصويت له، وكل مؤتمراته الانتخابية بلا استثناء كانت بتنظيم من أعضاء الحزب الوطنى المنحل، زوجة رجل الأعمال الفاسد المسجون أحمد عز لم تدخر جهداً..التقت أعضاء الحزب فى المحافظات لدعم الـ"الفشيق"، صائغوا بياناته وكلماته، مستشاروه، كلهم تربوا فى كنف النظام الفاسد ، وهم من المدافعين باستماته عن "المخلوع".. كيف نفسر دخوله السباق الرئاسى بقرار معيب من لجنة شكّلها النظام السابق وهى الآن تتحكم فى مقدراتنا ومستقبلنا، كيف نفسر النظر بدونية لكل البلاغات المقدمة ضده والتى تثبت فساده وإهداره للمال العام.
ورغم كل ذلك الذى يحدث لدى رسالتين أولهما لمناصرى "الفشيق" ، وثانيهما لذا"الفشيق" نفسه.
** لمناصرى الفشيق.. أتفهم مدى اصراركم، واستماتتكم للعودة من جديد، فقد عرّتكم الثورة امام العالم، وعرّتكم ايضاً من مناصبكم ووظائفكم التى كنتم تتكسبون من وراءها من قوت الشعب، وتتحكمون وتذلون و"تتفشخرون".. لكن هيهات.. فقد ولىّ الزمن.. لكن انتبهوا جيداً لأنه فى هذه المرة لن تترك لكم الفرصة للدخول إلى الجحور مرة أخرى.
** للفشيق.. مارس "الخلاعة السياسية" كما تشاء، لكنى أهديك هذه القصيدة التى كتبها شوقى للأطفال :
بلِّغ الثعلبَ عنى *** عن جدودى الصالحينا
عن ذوى التِّيجان ممن *** دَخل البَطْنَ اللعِينا
أَنهم قالوا وخيرُ الـ *** ـقولِ قولُ العارفينا:
" مخطى من ظنّ يوماً *** أَنّ للثعلبِ دِينا»
كلمة أخيرة.. كما أن الشفق هوذلك المتبقى من ضوء الشمس وحمرتها فى أول الليل إلى قريب من العتمة، فإن الشفيق هوذلك المتبقى من ظلام نظام فاسد فى أول النهار يتشبث بالأطلال لكنه حتماً سينقشع مع بزوغ شمس العدل التى خلقتها الثورة.
|