التاريخ : الأحد 03 june 2012 02:19:21 مساءً
دائماً ما كان يشكل أقباط مصر جزء هام من نسيج الوطن المصرى على مدار السنين، ودائماً ما كانوا يتفاعلون ويتشاركون مع إخوانهم المسلمين فى أفراحهم وأحزانهم، وقد شارك أقباط مصر يد بيد مع إخوانهم المسلمين فى أحداث ثورة يناير وقتل منهم من قتل وجرح منهم من جرح على يد القوة الباطشة للنظام البائد. ودائماً ما كان يعانى أقباط مصر من الظلم والجور على حقوقهم خلال العقود الماضية على يد النظام البائد وأعوانه، تارة بعدم السماح لهم بإنشاء دور جديدة للعبادة وتارة أخرى بتدبير المكائد لإحراق الكناس، وتارة ثالثة بالمحاولات المتكررة لإحداث الوقيعة بينهم وبين إخوانهم المسلمين، وقد دعا كل ذلك الأقباط الى المشاركة الجادة والفعالة فى ثورة يناير. ولم يسلم أقباط مصر حتى بعد الثورة من الظلم والجور على حقوقهم حيث استمرت عمليات الحرائق المفتعلة ومحاولة الوقيعة بينهم وبين إخوانهم المسلمين بنفس منهج التفكير الذى كان متبع من قبل النظام البائد، وقد كانت أحداث ماسبيرو وما خلفته من ضحايا تخطت الخمسة وعشرون قتيلاً أبسط دليل على ذلك، وهو الأمر الذى رفع من حالة الإحتقان لدى الأقباط وجعلهم أشد حرصاً وأكثر إصراراً على ضرورة تغيير الواقع المهين الى مستقبل أفضل. غير أن الغريب فى الأمر هو إتجاة الأقباط فى مصر للمشاركة الجادة فى الجولة الأولى من إنتخابات الرئاسة والتصويت للفريق احمد شفيق والذى يعد أحد أهم رموز النظام البائد والمسئول الأول عن إجهاض الثورة، وهو ما يعد إستقطاباً لا مبرر له فى الوقت الحالى، وإهداراً لدم وحقوق الشهداء من مسلمين وأقباط، كما أنه لا يستقيم مع تطبيق مبادىء الثورة التى رفعها الأقباط خلال ثورة يناير من تغيير وحرية وعدالة اجتماعية. وقد جاءت نتائج الجولة الأولى من إنتخابات الرئاسة لتعبر عن أسوء السيناريوهات، ليس فقط لدخول الفريق احمد شفيق كأحد أهم أقطاب النظام البائد وما سوف يسفر عنه ذلك من عودة النظام القديم وبشكل أشد شراسة ومحاولة الإنتقام من كل من قام بالثورة بما فيهم من أقباط، وليس فقط لدخول الدكتور محمد مرسى مرشح حزب الحرية والعدالة لما سوف يسفر عنه ذلك من إستئثار فصيل واحد بكل أركان السلطة، ولكن الأسوء هو حالة الإستقطاب التى بدأت تتشكل والنزعة التى بدأت تظهر على السطح وتوجة المسلمين للتصويت للدكتور محمد مرسى والمسيحين للتصويت للفريق شفيق بالشكل الذى أصبح يهدد نسيج الوطن الواحد. ليس من شك فى أن جماعة الإخوان المسلمين وزراعها السياسية الممثلة فى حزب الحرية والعدالة قد ارتكبوا الكثير من الأخطاء خلال الأشهر القليلة الماضية كلها نتاج إختيار جانب المغالبة على جانب المشاركة، بداية من الإعلان عن عدم النية للترشح للرئاسة ثم تغيير الموقف والدفع بمرشح، وكذلك الموافقة على حكومة الجنزورى ثم الاعتراض عليها، ثم تشكيل اللجنة التأسيسة لإعداد الدستور بشكل خاطىء تم إبطاله بحكم المحكمة الدستورية العليا، ولكن يعد الخطأ الأكبر هو عدم المشاركة بأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء على الرغم من مشاهد الدم لأبناء الثورة التى أزهقت خلال تلك الأحداث. وعلى الرغم من كل هذا يظل الإخوان المسلمين شريك أساسى فى الثورة، أما الفريق أحمد شفيق فيعد شريك أساسى فى الثورة المضادة، بإعتباره أحد أهم أركان النظام البائد الذى طالما عمل على إفساد الحياة قبل الثورة وعمل على قتل وسحل المتظاهرين أثناء وبعد الثورة. غير أن ما أسفرت عنه نتائج المرحلة الأولى لإنتخابات الرئاسة يعد فرصة جيدة لأقباط مصر يجب الإستفادة منها بشكل صحيح من خلال توحيد الرؤى وتجهيز الأولويات والمطالب والدخول فى حوار جاد وموضوعى مع شركاء الثورة، ويعد ذلك أفضل كثيراً من الإلتفاف حول أحد رموز النظام البائد الذى لم ولن ينصفهم يوم ما. إنها أحد القضايا المهمة التي تواجه أقباط مصر العقلاء وتحتاج منهم إلى إعادة التفكير.
|