التاريخ : الجمعة 08 june 2012 01:26:15 صباحاً
قبل إعادة البناء لابد من إزالة الأنقاض .. هذا رأيي وتلك قناعاتي التي تترسخ يوما بعد يوم وتؤكد أن ما بُني على خطأ فهو مشوه وقابل للهدم في أي لحظة.
إذا اتفقنا أن ما حدث في مصر يوم 25 يناير كانت ثورة شعبية أطاحت برأس النظام الحاكم وخلقت لنفسها أهدافا وتسعى من أجل تحقيقها، فلابد أن نتفهم أن أي ثورة ناجحة في العالم لابد أن تحدث تغيير جذري (راديكالي) وتنسف المنظومة السياسية والاقتصادية والثقافية والإجتماعية في البلاد، وتستبدلها بقيم جديدة تخرج من رحم الثورة، وتؤسس لقيم الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم لكل أبناء الوطن الواحد دون تمييز ديني أو فكري أو عائلي أو مناطقي.. فهل نحن على الأقل نسير في الطريق الصحيح نحو إحداث هذا التغيير الجذري؟
بالقطع الإجابة (لا) لأننا وببساطة لا يمكن أن نبني لتجربة ديموقراطية على أسس وآليات وبرامج لا تمت للديموقراطية بصلة بل تطعن في دستور الدولة القائم "بالبيادة" منذ اللحظة الأولى لإعلان تنحي مبارك عندما نصًب المجلس الأعلى للقوات المسلحة نفسه رئيسا ومشّرعا وقاضيا وخصما وحكما ومتحكما في مفاصل الدولة المصرية دون مرجعية دستورية، وفصّل في ليلة ظلماء صفقة شراء الشرعية الشعبية بإصباغ الاستفتاء على الإعلان الدستوري الأول لون الدين فهب تيار الإسلام السياسي يفي بالتزاماته في الصفقة.
ونحن على أعتاب جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة بين مرشح الإخوان كتيار وفصيل محسوب على ثورة 25 يناير، وبين مرشح محسوب على النظام الذي قامت الثورة من أجل اسقاطه .. من الطبيعي أن يذهب المصريون لصناديق الإعادة فرحين مهللين ومستبشرين بانتصار ثورة 25 يناير العظيمة .. لكن لماذا يشعر المصريون بالهم والغم ويساقون إلى جولة الاعادة محزنزن ؟
عندما تُبنى المرحلة الانتقالية على أساس صفقة فأنا كمواطن مصري لا أطمئن أبدا لكل مراحلها وإن بدت أمام الناس مبهرة، .. لا يوجد في مصر الآن من المشير إلى الخفير من يشك في أن المجلس العسكري استخدم الاخوان المسلمين في صفقات لإجهاض الثورة المصرية مقابل مكاسب يطمع فيها الاخوان ويناضلون من أجلها منذ ما يقرب من قرن من الزمان، وأن الإخوان سعوا إلى تعظيم مكاسبهم بمعزل عن الجميع ثوار وأحزاب وفصائل سياسية أخرى وليست مسألة قدرية ولا ديموقراطية أبداً أن نواجه اليوم مصير الاختيار بين فصيلين سرقا حلمنا وتآمرا على الثورة، لذلك المصريون غير سعداء وغير راضين عن هذا المسار الذي يبدو في ظاهره الديموقراطية وفي حقيقيته قمة الديكتاتويرية والانفراد والتكويش والاقصاء وهذا ما يمارسه العسكر والإخوان.
وعندما نخوض الانتخابات أمام تيار الإسلام السياسي بخطابه الديني المباشر وترويع الناس بفكرة الحلال والحرام وما يخالف شرع الله وما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، متجاهلين نصا أصيلا في الإعلان الدستوري يجّرم ويمنع الأحزاب الدينية، ويحذّر من ممارسة الحزب السياسي لأي نشاط ديني، ناهيك عن كل الطعنات القانونية والدستورية التي يسددها الطرفان والتي تؤكد أننا أمام حالة من الهزل السياسي يمارسه طرفان لا يمثلوننا .. المجلس الأعلى للقوات المسلحة،والإخوان المسلمين.
.. أنا لست مضطرا أن أساق بعد 25 يناير ولست مضطرا أن أختار بين كابوسين.. سأشارك في الانتخابات وسأحتفظ بحقي في الحلم الجميل.. سألتزم كمواطن صالح بالمشاركة في الانتخابات كفعل ديموقراطي، لكن سأبطل صوتي وسأكتب لهم في الورقة .."أنتما الاثنان لا تمثلان حلمي بمصر التي أريد .. الثورة مستمرة حتى نرضى بأغلبيتنا الحقيقية المريحة عن رئيس مصر القادم وعن دستور مصر القادم وعن حكومة وبرلمان مصر القادمين.. أنتما مجرد إثنان على الطريق".
إلى كل المؤمنين بثورة 25 يناير والحالمين بمصر المدنية الديموقراطية الحديثة وإلى كل من أخطأ في حق الثورة ومن غره بالناس الغرور ومن لم يجعل الوطن/مصر نصب أعينه في الشهور الماضية .. عليكم الاستعداد من الآن لتحمل والمشاركة في تبعات لا أحد يريدها ولا يتمناها لكن عندما تفرض علينا مسؤولية إنقاذ الثورة وتصحيح مسارها يجب أن نواجهها بشجاعة وحب إذا كنا فعلا مؤمنين بثورة 25يناير وقيمها وأهدافها وحلمنا بمصر المدنية الديموقراطية القوية الحديثة..
|