التاريخ : الخميس 14 june 2012 08:04:40 مساءً
حضرتك (بفتح التاء)، وحضرتك (بكسرها)، وكل مواطن مصرى من حقه أن يعتبر نفسه "العضو رقم 101" فى الجمعية التأسيسية للدستور.
بدأت علاقتى بهذا اللقب "العضو 101" منذ عدة أيام حينما لاحظتُ حدة التنافس للحصول على شرف الالتحاق بالجمعية التأسيسية المسؤولة عن صياغة دستور مصر التى ثار شعبها وانتصر على حكامه الذين تعالَوا على الدساتير والقوانين ومارسوا أبشع الممارسات الظلامية الظالمة، وبلغ فجورهم حد العبث بالدساتير وتفصيلها على مقاسهم وحدهم.
قلتُ لنفسى وأنا جالس على منضدة التفاوض: "فلتصبح العضو رقم 101 فى الجمعية التأسيسية للدستور، وتفسح مكانًا لمن هم أفضل منك وأعلم ولديهم قدرة أكبر على الإسهام فى هذه المهمة العظيمة، وهم كثيرون فى هذه الأمة التى تسلحت بثقافة شديدة الثراء".
أشهد الله أنى لم أكن معنيًّا بالانضمام للجمعية بقدر حرصى على اجتيازنا للأزمات التى أحاطت بمسيرة تكوينها، وتسببت فى تأخير انطلاقها فى طريق كتابة دستور مصر الحرة.
الفارق الوحيد بين العضو 101 وباقى الأعضاء المائة هو عدم المشاركة فى التصويت، وهو فارق أعاهدكم أن أستميت فى إذابته بالعمل على عدم اتخاذ أى قرار فى هذه الجمعية إلا بالتوافق التام بين أعضائها، حيث أعتبر أن اللجوء للتصويت الذى نص عليه قانون تشكيل هذه الجمعية لن يقع إلا فى أضيق الحدود، بل أتمنى أن ننجح فى اجتياز كافة التحديات ونقاط الاختلاف بدون اللجوء للتصويت نهائيًّا.
كل أبناء الثورة وأعدائها من مواطنى مصر مدعوون –بدون تمييز- للإسهام فى صياغة الدستور، مع إقرارى الكامل بحق من يترك هذه المهمة ثقة فى الجمعية أو يأسًا منها أو بخلاً وضنًّا على الوطن بأفكاره... للمنسحبين كل الحق فيما قرروه من تراجع عن المساهمة فى التوافق والتعاون على رسم ملامح المستقبل المشرق بإذن الله، ولكنه ليس من حقهم أن يدَّعوا أشياء لم تحدث ويلفقوا الاتهامات للنسبة الكبرى من الأحزاب والقوى السياسية التى تسعى مثلهم للتجرد التام والترفع عن أى مصالح شخصية أو حزبية.
أما الحملة الإعلامية المسعورة التى تحاول الإساءة للجمعية من خلال ذكر أسماء شديدة التميز لم تحصل على عدد كاف من أصوات الناخبين من نواب الشعب الذين مارسوا حقهم وأدوا واجبهم فى اختيار مائة مواطن مصرى لا يجرؤ أحد على ادعاء أنهم الأفضل والأقدر والأجدر على الإطلاق، فهذه هى مدرسة الحماقة الفكرية التى رسَّخ النظام السابق أركانها ليضمن ولاء الشعب لرجاله الذين لم يخلق مثلهم، كما يصور لنا الإعلام المضلل الذى لا يمكن مواجهته إلا بتعميق الثقافة.
يقولون: أين فلان وفلانة وفلان؟ ويسوقون أسماء رفيعة المستوى بالفعل، وأقول: أين باقى ملايين المصريين من مواطنى مصر الشرفاء الذين يتمتعون بمهارات لا تقل –بحال من الأحوال- عن أى عضو من أعضاء الجمعية المنتخبين.
معك مائة جنيه، وتود أن تشترى وجبة عشاء ساخنة للأسرة؛ عليك أن تختار بين السمك المشوى أو الكباب والكفتة أو ورق العنب بالكوارع أو الفراخ ومعها صينية مكرونة... كلها وجبات شهية، ولكنك لن تستطيع أن تشتريها كلها!! هل وصلت الفكرة؟
غياب محمد الصاوى عن الجمعية ما كان لينتقص من قيمتها، كما أن إضافة أى شخص آخر ما كان ليرضى جميع الآخرين.
كفانا عبثًا وتمزيقًا فى جسد أمة ثارت لتتخلص من كل ملامح الماضى ومنها هذه المحاولات المستميتة لزرع الخلافات.
ستموت شتلاتكم التى تزرعونها بعد انتهاء الموسم، وأعنى انقضاء زمن التضليل والاستقطاب واشتعال الأزمات.
أيها السادة.. لن تزيدنا ردود الأفعال الظالمة إلا إصرارًا على إثبات صدق توجهاتنا، وذلك بما نقدمه فى النهاية من منتج نهائى، وما نعلنه فورًا من ترحيب كامل بتكوين اللجان الفنية المتخصصة من الشخصيات التى ينادى بها منتقدو تشكيل الجمعية.
سنعمل بمنهجية تقوم على أحدث الأساليب والوسائل لنصل إلى دستور يفوق كل الدساتير التى سبقته فى ضمان حقوق المواطنين جميعًا وشعار الثورة الرئيسى: "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".
اليوم تصدر المحكمة الدستورية حكمها بشأن مجلسى الشعب والشورى، ومهما كان القرار فإن المؤكد أن الثورة نجحت فى إنجاز خطوة إضافية فى طريق التغيير الذى لن نكمله إلا بتغيير أنفسنا والتمسك التام بعدم العودة إلى الوراء.
هل اقتنعت بأن تصبح العضو 101؟
|