التاريخ : الاثنين 13 june 2011 06:31:01 مساءً
عندي مشكلة مع حكومة الدكتور شرف حيث احترت في تحديد توصيف نوع المهمة المكلفة بها..فهل هي حكومة تصريف أعمال..أم حكومة دائمة وليست مؤقتة..وجه العجب عندي أن وزراء تلك الحكومة يتصرف كلا منهم وفق قناعته.. فبعضهم مقتنع تماما أنه وزير مؤقت في حكومة مؤقتة ومن ثم فإنه لايفتح صدره للقضايا والمشاكل المزمنة (وزراء الصحة والتعليم والصناعة) وبالتالي فانه يقوم بعد الايام حتي تمر ويعود سالما الي بيته وليس الي طرة..لذا فإنه لايحسم أمرا ولايوقع قرارا.
وهناك فريق من وزراء حكومة شرف يتصرف بصفتهم أعضاء دائمون في حكومة دائمة ومنتخبة وأنهم باقون في كرسي الوزارة الي ماشاء الله..مثلما كان يجري في النظام السابق..هذا الفريق يخطط لمشروعات تحتاج لعقود كاملة من الزمن بل انه لايتحرج أن يدخل الي مشروع قبل أن ينتهي من مشروع بين يديه (وزراء التضامن الكهرباء)..وفريق اخر من الوزراء يعرف انه سيخرج من الوزارة بعد اعلان نتيجة انتخابات مجلس الشعب القادمة اي بعد 3شهور من الآن علي أقصي تقدير لذا فإنه يسعي الي تلميع نفسه واسمه اذ ربما يضمه الحزب الفائز بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية القادمة الي حكومة الحزب بعد توقيع استمارة الانضمام الي الحزب.
وسوف تجد هذا الفريق من الوزراء يقضون يومهم وساعات عملهم داخل ستديوهات البرامج الفضائية وتصريحاتهم تملأ الصحف وكلها تذكرك بتصريحات وزراء العهد السابق..ربما لم يصل الي مسامع هذا الفريق من الوزراء أن هناك ثورة قد قامت في هذا البلد.
أحيانا ألتمس الأعذار لهؤلاء الوزراء الذين حددوا علاقتهم بالوزارة التي ضمتهم أو هؤلاء الذين وقعوا في حيرة تحديد توصيف لحكومته..وسبب التماسي العذر لهؤلاء هو أن رئيس الوزراء نفسه الدكتور عصام شرف لم يحدد لنفسه أو لنا توصيفا لوزارته ..فذات مرة نجده يتخذ من القرارات مايجعلنا نطلق وصف تسيير الأعمال علي حكومته مثل قراره بتجميد عمل محافظ قنا لمدة ثلاثة اشهر علي أساس ترحيل المشكلة فيما بعد ومثل تصريحاته المطالبة بوقف التظاهرات الفئوية لبعض قطاعات الموظفين ثم لقاء بعض قادة تلك المظاهرات المقيمين في شارع مجلس الوزراء..ثم نجد نفس رئيس الوزراء ينتقل 180درجة من خانة رئيس حكومة تصريف الأعمال الي خانة رئيس الوزراء المنتخب الجالس في مقعده خمس سنوات متصلة وربما يجري اعادة انتخابه مرة أخري..لذا يسعي الي انجاز أو تدشين مشروعات تستغرق سنوات طويلة مثل مشروع ممر التنمية للعالم الكبير الدكتور فاروق الباز ومشروع مدينة زويل العلمية.
(ملحوظة:لانعترض هنا علي انجاز هذين المشروعين بل ربما رأينا تأخر في اطلاقهما لكن وجه الاعتراض أن مثل تلك المشروعات يحتاج الي نقاش واسع ودراسة مستفيضة والبحث عن تمويل لانجازهما في توقيتات محددة..لكن اطلاق هذه المشروعات بتلك السرعة ربما يأتي بنتائج عكسية غير مرجوة.)
بعض تحركات د.شرف تؤكد قناعته أنه ليس رئيسا لحكومة تسيير أعمال ومثال ذلك كثرة زياراته الخارجية التي لا نجد لها رابط يجمعها..ففي خلال مدة زمنية لاتتجاوز ثلاثة أشهر..طاف د.شرف معظم العواصم العالمية دون أن نجد مردودا يذكر لتلك الزيارات علي مستوي حياتنا الداخلية مما يحتاج معه الي تفسير وتوضيح..فهل الرجل من محبي السفر للخارج وانه في ذلك يمارس هواية أسلافه من رؤساء وزارء سابقين.
ربما لو أردنا نموذجا لأحد الوزراء داخل حكومة شرف ينطبق عليه الأوصاف السابقة فلن نجد نموذجا أفضل من وزير المالية الدكتور سمير رضوان..حيث تجده يتصرف أحيانا وفق قناعة أنه وزير في حكومة تصريف أعمال يسعي الي تدبير المرتبات خلال الكام شهر الباقيين له في الحكومة حتي لو وصل به الحال الي التفاهم مع البنك المركزي لطباعة مزيد من البنكنوت مما يؤدي الي زيادة التضخم لكن لأنه يعرف أنه سيرحل بعد عدة أسابيع فإنه غير معني بارتفاع مؤشر التضخم بعد طباعة البنكنوت دون غطاء من انتاج.
من جهة أخري يتصرف الرجل كأنه يعمل في وزارة دائمة لعدة سنوات لذا نجده سعيا الي حل المشكلات العاجلة ومع ضغوط الاحتياجات فإنه يسعي الي مزيد من الاقتراض الخارجي مثلما اقترض مؤخرا 3مليارات دولار من البنك الدولي وهو مبلغ ضخم يزيد من اعباء الدين العام للحكومة الحالية وكل حكومة قادمة ويزيد من تفاقم الوضع الاقتصادي في مصر..ورغم ذلك يحتفظ الرجل بابتسامة واسعة لكل من يقابله ويقول دائما في تصريحاته أنه لامشكلة رغم أن الدنيا بتغرق حوله.
لايعترض د.رضوان علي فكرة رفع الاجور بل يعد كافة القطاعات المضربة بزيادة مرتباتهم دون أن يقول لنا –ولهم- من أين سيأتي بكل تلك الفلوس..ولأن الرجل يخالجه الظن بقرب رحيل حكومته لذا فإنه يسعي الي تلميع نفسه اعلاميا اذ ربما يجري تكليفه في الحكومة المنتخبة القادمة..فتجده في جميع البرامج الفضائية والأرضية وكل الصحف الحزبية والقومية والمستقلة حتي تنتابك الدهشة وتتساءل:كيف يدير وزارته وسط هذا الكم من اللقاءات الصحفية والتليفزيونية.
هذه الحكومة جري تكليفها بانجاز مهمتين هما استعادة الأمن ودفع عجلة الاقتصاد والانتاج المتوقفة..ومطلوب من الدكتور شرف أن يسأل نفسه وضميره وهو عائد الي مصر من رحلاته الخارجية:هل حقق هو وحكومته هذين الملفين أم لا؟..ولأنه يمتلك ضميرا حيا فسيعرف أنه لم يحقق وحكومته شيئا.
|