التاريخ : الخميس 05 july 2012 01:01:30 مساءً
شنت جماعة الإخوان أكبر حملة تخوين وهجوم استباقى فى تاريخ مصر على القضاء وعلى اللجنة العليا للإنتخابات الرئاسية لترويج المخاوف من تزوير الإنتخابات.. ثم إنقلبيت الأحوال حين أعلن فوز الدكتور محمد مرسي بالمنصب العالى.. واعتبروا اننا قطعان من الذباب وعاد الرئيس المنتخب ليتحدث عن إحترام القضاء وعظمة وحلاوة ونزاهة اللجنة التى جاءت به رئيسا لأنها جاءت به.
هاج الإخوان على امريكا - الشيطان الأكبر - وتدخلاتها فى السياسة المصرية ومحاولاتها فرض خليفة لمبارك.. ثم خرج علينا كبير كهنتهم وصرح للإعلام العالمى ان "مرسي" جاء بتفاهمات مع واشنطن.. وأخيرا فتح "مرسي" صدره بميدان التحرير فى مليونية كان عدوها الرئيسي هم "العسكر" مؤكدا أن الشعب مصدر السلطات، رافضا الانتقاص من صلاحياته.. ثم أقسم على الإعلان الدستورى الذى قيل لنا انه يحوله الى مجرد سكرتير للمجلس العسكري المكمل ليصبح رئيسا.. وأبدى كل آيات الإحترام والتقدير لقيادات المجلس العسكري وإدارتها للمرحلة الإنتقالية.
يخطو "مرسي الرئيس" خطوات هنا أو هناك تريح البعض.. ويتكلم بلغة يفهمها البسطاء.. وحتى يومنا هذا يبث روح الطمانينة فى طوائف الشعب.. فيما يسلبها منهم فى الوقت نفسه مجموعة من الأتباع من عينة الأخ صفوت حجازى بتصريحات لا محل ولا وجه لها من الفهم أو الإعراب.
ما يفعله الإخوان ومرسي والأتباع مجرد فعل سياسي - يجب أن يفهمه الجميع - يتناسب مع طبيعة السياسة بوجه عام ويتطابق مع أيدولوجية جماعة ترفع شعار الغاية تبرر الوسيلة.
وإذا كانت غاية "حكم البلاد" تقتضى كل هذا الكم من التواطؤ مع المسار الأعوج للعملية السياسية.. والإتجار بالدين.. والإستهانة بالدم.. وتبديل المواقف.. وإشاعة حالة من الرعب والتخوين والتشويه والتكفير للخصوم السياسيين، فمن الواجب على الرئيس "مرسي" أن يواصل السير على سبيل تصريحاته الرائعة التى تطورت بتطور خطاباته بين ليلة التنصيب الى ظهيرة يوم حلف اليمين.. والتى استبدلت التكفير والتشويه والتخوين الى مد الأيدى للتعاون مع كل الأطياف.. ورفع شعار مصر للجميع.. بعد ان كانت ممارسات الإخوان تقول أن "مصر للجماعة".
على الرئيس محمد مرسي أن يتحرك الى خانة الفعل.. فقد استُنفِذ وقت الكلام.. وحان وقت علوم السياسة والادارة والاقتصاد.. وعليه جملة واحدة أن يبطل توكيل الحديث بلسانه الذى يستبيحه بعض الأتباع من عينة الأخ صفوت حجازى.. وإلا فإن الشعب سيحاسبه على ما يقوله غيره.. خاصة أن قضية الانفصال عن جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة كما وعد وهو مرشحا للرئاسة، لم تتضح وتغلق صفحاتها حتى الان.
مع الخطابات والكلمات.. فإن بداية "مرسي الرئيس "موفقة.. وأبرز ما فيها انه يتعلم من أخطائه ويصححها.. وأكثر ما يميزها هى روح العمل الجماعى ونبذ الإنتقام وتصفية الحسابات.. وبإنتهاء زمن الكلام ينتظر الشعب سنوات العمل.
بالكلمات.. أحكم مرسي قبضته على السلطة وإنتزعها من فم المجلس العسكري.. ووعد ضمنيا بإعادة مجلس الشعب المنحل بحكم المحكمة الدستورية.. وبدا الأمر وكأنه إعتاد على قوة المنصب فى أسرع وقت.. وسيراقب الشعب كيف ستتحول الخطب الى أفعال.. وكيف ستصبح الوعود واقع ملموس.
أجاد "مرسي الرئيس" حتى الأن تقديم نفسه بعد أن ساهم فى تشويهها خلال حملته الرئاسية لبلوغ المنصب .. بترك تصريحاته تنجرف فى توزيع الوعود المتخالفة والمتضادة.. وترك رموز الجماعة التى لا يحبها الشارع - بإستثناء أتباع الجماعة - تتحدث بإسمه وتروج له وتقبل يديه فى مشهد غير معتاد على السياسة فى مصر، وبات الأمر الآن منفصلا سواء شاء أم أبى فى إتمام عملية الفصل بين مؤسسة الرئاسة وبين الإخوان المسلمين كجماعة وحزب تابع لها.. لأن الشعب لن يصبر مرة اخرى على ميلاد كائن ديناصورى يسيطر على الحكم.
وحتى إن غاب مبدأ "تداول السلطات" عن سيل الوعود والتصريحات والخطب الرئاسية خلال الاسبوع الأول من حكمه من خطاب التوتوك الى خطاب العرش.. فإن عليه أن يدرك أننا عازمون كشعب ونخبة سياسية على أن تكون جمهوريتنا الثانية خالية من كل الشوائب.. وأن تكون دولة مدنية حديثة ترفع أسس القانون والحق والحرية والمساواة والمواطنة والعدالة الإجتماعية والشفافية.. فإن تحقق ذلك فلك منا كل إحترام ودعم ومساندة وتقدير.. وإن لم يتحقق فنحن كشعب أصيل فى هذا الوطن سنقاتل من أجل تحقيقه.
سيادة الرئيس محمد مرسي.. نحن معك على أبواب الجمهورية الثانية فلا تنحرف عن الطريق.
|