التاريخ : الأحد 08 july 2012 03:38:20 مساءً
فجَّرت ثورة يناير العظيمة الطاقات الكامنة لدى جموع المصريين، فأصبح الجميع لديه الرغبة فى إبداء الرأى فى القضايا السياسية والاقتصادية ولديه القدرة على الحوار المجتمعى ويسعى الجميع لمحاولة التأثير على اتخاذ القرار بكل الطرق والوسائل الممكنة أحيانًا وغير الممكنة أحياناً أخرى وهو الأمر الذى لم يكن متاحًا فيما قبل الثورة.
وعادة ما يعتمد تكوين الرأى وإجراء الحوار على ثقافة المواطن والتى عادة ما تعبر عن شخصيته وتحدد اتجاهاته وحدود ومنطلقات تفكيره، ويبدو هذا واضحًا من خلال ما تعرضه وسائل الإعلام والصحافة من وجهات نظر مختلفة تعبر عن ثقافات متعددة ومتباينة كما يظهر كذلك من خلال ما نشاهده يوميًا من سلوكيات المواطنين فى الشارع.
ولكى ينجح أى مجتمع فى التطوير والإصلاح وفى المنافسة مع المجتمعات الأخرى سياسياً واقتصادياً ولكى يستمر المجتمع فى تحقيق ذلك النجاح، عليه أن يعمل على بناء وترسيخ ثقافة يتشاطر فيها الجميع نفس القيم والمبادئ والأهداف التى يمكن أن تبنى المجتمع.
ولكن يبقى التساؤل: كيف يمكن للمجتمع المصرى بعد ثورة يناير العظيمة أن يبنى ويرسخ من ثقافة الحوار والمشاركة بالشكل الذى يساعد على التطوير والتحديث وبالشكل الذى يصبح معه الحوار معول بناء وليس هدمًا؟
إن ثقافة الحوار ليست مجرد شعارات براقة ترفع وعبارات رنانة تطلق وكلمات طنانة تكتب ولوحات جذابة توضع هنا وهناك ليراها الجميع دون أن يعملوا بها، ولكنها عادة ما تستند إلى قيم من قبيل الاحترام المتبادل بين المواطنين بعضهم البعض وبين المواطنين والمسئوليين فى أماكن العمل المختلفة وكذلك الاستقامة فى التحدث والعمل على تحمل المسئولية، ويترجم كل ذلك فى شكل وطبيعة العلاقة بين المواطن والوطن، ويتحقق النجاح على أرض الواقع عندما يتم التوافق بين ما يؤمن به المواطن وما يعتنقه من قيم ومبادىء وأخلاق وبين ما يفعله ويمارسه على أرض الواقع.
وفى ظل حالة الانفلات الأمنى والتسيب الأخلاقى التى أصبحنا نراها فى كل وقت وفى كل مكان والتى هى بالفعل أحد الإفرازات السيئة لثورة يناير العظيمة، يجب معها على المواطن المصرى أن يعيد التفكير فى كيفية التصدى لها من خلال احترام الوطن وكذلك البحث فى كيفية الالتزام بالقوانين والنظم واللوائح الكفيلة بانتظام حركة المجتمع وتقدمه.
على المواطن المصرى أن يعيد التفكير فى شكل علاقته بالمرافق العامة للدولة كيف يستفيد منها وفى نفس الوقت يحافظ عليها، لما لذلك من تكلفة سوف يدفع ثمنها المواطن المصرى مرة أخرى من خلال الضرائب.
إن المجتمع المصرى لن ينهض إلا من خلال زيادة درجة وعى المواطن المصرى بأهمية المجتمع الذى يعيش فيه- أهمية أن يحافظ على قوام ذلك المجتمع- أهمية أن يحافظ على مرافق ومنشات ذلك المجتمع – وكذلك أهمية أن يكون للمواطن دور يشعره بأهميته فى ذلك المجتمع.
غير أن ذلك يمكن أن يصطدم بأولئك الرافضين لأى تغيير يحدث على أرض الواقع يمكن أن يؤثر على معتقداتهم وقيمهم وأخلاقهم سواء كان ذلك التغيير فى الشكل أو المضمون، كما يمكن أن يصطدم كذلك من جانب المقاومين لأى تغيير من الممكن أن يحدث وينعكس تأثيره على مصالحهم وأهدافهم، فثمار التغيير ترتبط بالمستقـبل، وهـنا تكـون الـمـفـاضلة بيـن البديـل المضمون (لوضع الحالي) والـبديـل المحتمل (الوضع المستقبلي)، وتكون النتيجة فى الغالب فى مصلحة البديل المضمون(عدم التغيير)، ويحدث ذلك إما لعدم الثقة فى التغيير أو نتيجة لعدم وجود رغبة أو مساندة تؤيد وتدعم الميل للتغيير، فإذا لم يكن هناك شعور بالحاجة إلى التغيير فلن يكون هناك تغيير..
إنها إحدى القضايا المهمة التى تواجه كل فرد من أفراد الشعب المصرى العظيم وتحتاج إلى إعادة التفكير.
|