التاريخ : الاثنين 06 augu 2012 03:46:49 مساءً
ظل القضاء المصرى على مدار تاريخه رمزاً للإستقلال ينأى بنفسه بعيداً عن هيمنة أى من سلطات الدولة، كما ظل كذلك ينأى بنفسه عن الدخول فى اللعبة السياسية التى يمكن أن توثر على هيبته واستقلاله.
غير أنه ومنذ بداية ثورة يناير بدأ يظهر للسلطة القضائية وجه أخر تلعبه وتمارسه على أرض الواقع، سواء بشكل مباشر من خلال الأحكام التى تصدرها المحكمة الدستورية العليا أو بشكل غير مباشر من خلال ما يتم إطلاقه من تصريحات مسئولة أحياناً وغير مسئولة أحياناً أخرى والتى تعد من قبيل البلطجة السياسية.
وقد بدأ يلعب دور البطولة فى تلك التصريحات المستشار احمد الزند رئيس نادى قضاة مصر والذى استحوذ على المشهد السياسى خلال الفترات الأخيرة، بداية من الدور الذى لعبه فى تجميع أصوات القضاة خلال الجمعية العامة لمحكمة استئناف القاهرة والتى عقدت لعزل رئيس المحكمة المستشار عبد المعز ابراهيم على خلفية فضيحة سفر المتهمين الأمريكان فى قضية التمويل الأجنبى لمؤسسات المجتمع المدنى والتى أساءت لمصر والمصريين داخلياً وخارجياً.
ثم تلى ذلك تلك التصريحات المستفزة وغير المسئولة للمستشار الذند والتى أطلقها على خلفية صدور قرار رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى بإلغاء قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوى فى شأن تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، وحينها وجة المستشار الزند رسالة شديدة اللهجة لرئيس الجمهورية من خلال مؤتمر صحفى دعى إلية كافة وسائل الإعلام والصحافة بضرورة قيام الدكتور محمد مرسى بسحب قراره بعودة مجلس الشعب خلال 72 ساعة وإلا سوف يكون لقضاة مصر مواقف أخرى بما فيها من إمكانية عزل رئيس الجمهورية الذى انتخبه جموع المصريين من وظيفته بإعتباره حنس باليمين التى أداها أمام المحكمة الدستورية العليا، وهو ما يعد بلطجة سياسية وسابقة خطيرة لم تحدث من قبل ولا يمكن أن تحدث إلا فى دولة يسودها الفوضى ويقودها شخصيات مسئولة دأبت على أن تطلق تصريحات غير مسئولة.
ومنذ أيام قليلة أطلق المستشار الذند تصريح أخر أكثر غرابة يتعلق بضرورة أن يبقى رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة الدكتور هشام قنديل على شخص وزير العدل الحالى المستشار عادل عبد الحميد فى موقعه وعدم ترشيح وزير أخر، وهو ما يعد سابقة خطيرة وغير مسبوقة بأن يتم فرض وزير بعينه على رئيس الوزراء المكلف من قبل رئيس الجمهورية وهو الشخص المسئول عن تحقيق مهام سوف يتم محاسبته عليها سواء من رئيس الجمهورية أو من خلال الشعب المصرى، ويعد من أبسط حقوقة حرية الإختيار للفريق الوزارى الذى يعاونه فى أداء المهام التى تم تكليفه بها.
وعلى الرغم من غرابة كافة تلك المواقف والتصريحات إلا أن الأمر الأكثر غرابة يتمثل فى تلك الطريقة التى يتم بها إطلاق تلك التصريحات والتى تؤكد على توهم المستشار احمد الزند بأنه أصبح سلطة فوق كل السلطات من خلال موقعه كرئيس لنادى القضاة، وهو الأمر الذى أصبح يسىء للسلطة القضائية الشامخة، خاصة وأن تلك التصريحات تأتى فى النهاية غير مفهومة وغير مبررة ولا تحظى بقبول المجتمع وتضع قضاء مصر الشامخ فى مواجهات مستمرة تعيقه عن أداء دورة فى حيادية وإستقلال، وهو الأمر الذى يمكن أن يؤدى الى سقوط لسمعة وهيبة القضاء المصرى وسوف يكون لذلك أثاره السلبية داخلياً وخارجياً سواء فى المدى القصير أو فى المدى البعيد.
وما يجب أن يعلمه قضاة مصر الشرفاء أن كافة تلك التصريحات تؤثر بالسلب على مناخ الاستثمار فى مصر وخاصة فيما يتعلق بالإستثمارات الخارجية سواء المباشرة أو غير المباشرة، خاصة وأن المستثمرين الأجانب عادة ما ينظروا الى القضاء ومدى قوته ونزاهته فى أى دولة قبل أن يقدموا على ضخ أيه استثمارات جديدة.
إنها أحد القضايا المهمة التي تواجه كل من تبقى من قضاة مصر الشرفاء وتحتاج إلى إعادة التفكير. |