التاريخ : الأحد 12 augu 2012 01:20:34 مساءً
واااعمرااااه...واااشيخاه!
لست بناقدة فنية لكى أناقش الأفلام والمسلسلات ولهذا الفن ناسه المحترمين و لكننى كمشاهد واعِ احب أن اتوقف أمام بعض الأعمال وأربطها بواقع مجتمعنا وكيفية تفاعلها معه واطرح آراء متواضعة وأود كثيراً أن أتوقف أمام عملين تليفزيونيين أجد من الواجب الإشارة إليهما. الأول هو أعمال ثلاثة عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه والثانى هو مسلسل الخواجة عبد القادر عن رحلة احد اولياء الله الصالحين.
و عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه يحتل خيال العديد من المؤلفين هذا العام، فهناك مسلسل عمر وبرنامج عمر صانع حضارة للدكتور عمرو خالد وكذلك مسلسل الفاروق الإذاعى، ورغم أنها بالقطع مصادفة إلا أنها مصادفة دالة للغاية، فليس التركيز على أى من الصحابة الكرام سوى على شخصية عُرفت بالعدل الدقيق لحد التفريق بين الحق والباطل فلقب بالفاروق وما أحوحنا الان الى إقامة العدل فى زمن الفتنة الذى نحياه ، وقت عجيب من العتمة السياسية والإجتماعية حتى أنه لم تعد تعرف نفسك فى كثير من الأحيان هل ما آمنت به طوال حياتك بل وأحياناً وما تراه بحواسك بات حقاً أم باطل. نحن فى زمن يحاسب القلتل أمام قضاء مدنى ويسجن الثائر بسبب حكم عسكرى والتناقضات من هذا النوع أكثر وأشد.
نحن أيضاً فى زمن التفكك لذا نحلم بصانع الحضارة والبنَاء الأعظم للدول المتقدمة الذى يتعامل مع مسئولية البناء وكأنها واجب شخصى وهدف حياتى، رجل قوى فى الله رحيم فى الله حتى أنه يشفق أن تتعثر شاه فى أقصى حدود ملكه فيحاسبه الله على عدم تعبيد الطريق. رجل مثل الحلم وما احوجنا للحلم!
لا والله ليست من قبيل المصادفة، بل هى الحاجة الملحة الى عمر بن الخطاب هى التى حركت ثلاثة من الكتاب فى وقت واحد للتعلق بسيرة عمر والبحث فيها عسى أن يتأسى راعٍ أو يصحو نائم أو ينسى الناس.
أما الخواجة عبد القادر فقد حركت كاتبها حاجة أخرى نشأت بعد الظهور الرسمى لتيارات الإسلام السياسى والظهور الإعلامى للكثير من المشايخ الذين أطربونا بفتاوى قلبت حياتنا على رؤوسنا وعاكست الفطرة البسيطة للإسلام وخلت من روحه القوية العذبة، ما يميز الإسلام كدين كما أراه هو التوازن المحسوب بين حياة العبد وآخرته، بين روحه وعقله وجسده وقلبه، دين يقف موقف إنسانى سليم من الأعداء، فأنت كمسلم معهم على الحسنى إن جنحوا للسلم وانت مرابط إن جنحوا للعدوان وأنت حذر فطن لما يفعلون، دين يربط بين العبد وربه دون وسيط من أى نوع، بل فقط معلمون ومرشدون على الطريق، ولكن الوصول للحقيقية الإلهية هو رحلتك الخاصة التى تمشيها بين إغواءات الجسد وتقلبات الروح وشطحاتها والوقوع فى فخ الحياة الدنيا وبين قوة العقل ووضوح الفطرة وإستقامة الطريق والرغبة فى السمو بالفكر. دين بدأت آياته الحكيمة بفعل " إقرأ" وذكرنا خالقه بأنه قريب يجيب دعوة الله إذا دعاه ويذكرنا أننا كادحون إليه كدحاً فملاقوه ، وكأن العلامات واضحة على الطريق أنه طريق الإنابة الى الله من البداية للنهاية فى طريق وعر قد يذهب بك بعيداً عنه فتضل وكأن الحياة رحلة من التفكر والتعلم والعمل فى إتجاه الله، تقوم على الحب ، الحياة قائمة على الحب، تبدا بحب الله على العبد فيتفضل عليه بالوجود والرعاية والنذير و العلامات، نعم على نفس الحب الإلهى الذى نراه ينتشل هربرت السكير من اليأس والإنتحار البطئ لرجل محب إيجابى يساعد من حوله ويفرق قلبه السليم بين ضمير شيخ القرية الكاذب المنافق وضمير الطفل كمال الناصع النقى فيحفظ القرآن عن الثانى ويرفض تعلمه عن الأول. خواجة من بلاد الإنجليز يصبح ولياً لله وكأن الولاية لله ليست حكراً على ملة بعينها ولا على مرتبة دينية مهما علت ولا على لون فى حد ذاته ولكنها مربوطة كما قال الشيخ عبد القادر السودانى الأسود وهو يدق على صدر الخواجة " بالقلب السليم" وبنعمة اللع علينا. فقط علينا ان نطرق الباب..ونتعلق بالأمل.
حين يزداد الحزن، حين تزداد الظلمة، تبدأ رحلة البحث عن الله بالقلب ، رحلة نراها يومياً فى قصة الخواجة وما أحوجنا الى هذا الآن فى زمن حزين متحير مثل الذى نعيشه لأن نتلمس قصة كهذه ونبدأ فى خطواتها بأنفسنا.
تحية كبيرة الى اعمال جادة ، اخلصت النية لله فدخلت القلوب، تحية الى مصر الولادة التى ما إن تخيلتها نضبت، أذهلتك بمبدعيها.
|