التاريخ : السبت 18 augu 2012 04:19:14 مساءً
عناصر كثيرة تؤثر فى حياتنا بشكل مباشر، نذكر منها القدرات والمهارات والإمكانيات والموارد التى تعيننا على تحقيق أهدافنا، وفى مقابلها نجد الكثير من التحديات والعقبات التى تعطلنا وتَحُول بيننا وبين الوصول إلى بر الأمان المنشود.
نذكرها كلها، وننسى أهم عناصر النجاح الذى رصدته دراسات إنسانية عديدة.. إنها الإرادة.. لقد آن الأوان لوضع "الإرادة" فى المعادلة المصرية الحديثة؛ الآن أصبح من واجبنا وحقنا ومن الحكمة أن نضع الرؤى والخطط والاستراتيجيات على أساس إرادة سياسية تعبر عن الإرادة الشعبية.
تجربة المشاركة فى كتابة الدستور زادتنى اقتناعًا بقيمة الإرادة وقدرتها الفائقة على تحقيق الطموحات. روح الثورة التى سَرَتْ فى عروقنا جعلتنا نؤمن بضرورة تبنى أهداف الثورة المتمثلة فى رفع سقف الكرامة والحريات إلى أعلى سماء، وتحقيق العدالة والمساواة على أوسع نطاق.
بسرعة اكتشفنا أن صياغة الدستور الذى يحلم به مواطنو مصر جميعًا أسهل من الحصول على ميدالية ذهبية فى الدورات الأولمبية، ذلك مع ضرورة توافر إرادة حقيقية لتسجيل دستور يحطم كل الأرقام القياسية المعروفة بقدرتها على التعبير عن آمال شعب عريق.
لا تنقصنا الخبرات، وقد فتحنا الباب منذ البداية لإسهامات لا حصر لها من كل أبناء مصر.. لا تنقصنا المهارات الدستورية والقانونية، فى وجود عدد كبير من رجال القضاء الوطنيين الشرفاء.. لا ينقصنا الزمن، وقد أعرب الجميع عن استعدادهم للعمل ليل نهار لإنجاز الدستور الحلم.
لم نستورد أحدًا من الخارج، ولم نرسل بعثة للحصول على دورة تدريبية؛ فقط راهنَّا على الإرادة. قريبًا نطرح مشروع الدستور فى بروفته الأخيرة لنتلقى آخر الملحوظات والتحفظات والاقتراحات؛ نقوم –على ضوئها- بتنقيح الصياغة النهائية، ونطرحها للاستفتاء العام بإذن الله.
الجميع يشكون من الفساد والرشوة وكافة مظاهر الدولة العميقة ذات القلب الأسود؛ نفكر فى الحلول، وندخل فى مناقشات مطولة، نتحدث عن عقوبات رادعة، ونقترح قوانين وهيئات رقابية وغيرها من الأفكار القيمة، وننسى الإرادة مع أنها –أعنى الإرادة- قادرة وحدها على القضاء على كافة أشكال الفساد والمحسوبية والوساطة والاستثناءات التى تنصف واحدًا وتظلم المئات!
لو صدقنا مع أنفسنا وتلاقت الإرادة الشعبية مع الإرادة السياسية يمكننا أن نحتفل يوم عشرة عشرة بالقضاء على الرشوة؛ لقد حاولت ذلك من خلال ساقية عبد المنعم الصاوى على مدى الأعوام الثلاثة الماضية: كل عام نعلن أن العاشر من أكتوبر يمكن أن يصبح يوم العبور إلى عالم الشرف والنقاء وحفظ الحقوق والعدالة إذا قرر كل مواطن مصرى أن يتوقف تمامًا عن تقديم أو قبول الرشوة.
مثال ثالث لأهمية الإرادة فضَّلت تأجيله لنهاية شهر الكرم والسخاء.. لا شك أننا أمة طيبة تحب الخير، وتتمنى أن تقضى على الفقر، وتقضى معه على ظاهرة الشحاذة.
يوزع العملات الورقية بألونها المختلفة، فيتزاحم عليه الشحاذون، وعندما ينجح فى ركوب سيارته والإفلات من إلحاحهم يقول: أين الشرطة؟ كيف يتركونهم هكذا يطاردون الناس ويحاصرونهم؟ إنهم خطر حقيقى على المجتمع، بل وعلى السياحة أيضًا.
الإجابة عندى: الإرادة! بالإرادة الشعبية يمكن أن نتوقف كلنا عن صدقات الشارع والرصيف.
سدوا منافذ الهواء الفاسد، وافتحوا بدلاً منها آلاف البوابات التى تحمل الخير الذكىّ والمتمثلة فى المؤسسات الخيرية المتطورة.
بالإرادة الجماعية يمكننا ترشيد استهلاك الطاقة والمياه والوقت..
هل نسيتم أن الإرادة الجماعية هى التى أسقطت النظام؟!
|