التاريخ : الأحد 09 september 2012 05:27:33 مساءً
على مدار أسبوعين متواصلين فتح الكاتب الكبير عبد العظيم درويش فى عموده الأسبوعى بجريدة الأهرام بوابة التساؤلات فى مواجهة الاستحقاقات الطبيعية للإنتخابات الرئاسية الأخيرة، وفى مقدمتها ما نشر على لسان امين عام اللجنة العليا للإنتخابات الرئاسية المستشار حاتم بجاتو التى "فضفض بها" فى وسائل الإعلام حول "معلومات واتهامات موثقة لسبعة مرشحين رئاسيين بتلقى تمويل من الخارج".
عبد العظيم درويش طالب "الرئيس مرسي" الذى كان مرشحا، وغيره من المرشحين ألا يستثمروا فى "قلة حيلتنا" و"هواننا على الجهات الرقابية" و"شيوع النسيان فيما بننا" وأن يخرج علينا واحد منهم ليخبرنا بمنتهى الشفافية، من أين أنفق على دعايته الإنتخابية وكم انفق وما هى محاور هذا الإنفاق.
وبغض النظر عن حجافل الذين هاجمهوه وإعتبروا انه يشكك فى ذمة الرئيس مرسي الذى لا يأتيه الباطل من "فوق ولا من تحت"، سلط درويش الضوء على آفة أساسية يعتبرها كل حاكم مر على هذه البلاد "نعمة" ومواصفة خاصة بالشعب المصري..ألا وهى "النسيان"، خاصة أن كل المرشحين الرئاسيين "صدروا الطرشة" وتجاهلوا القواعد المنظمة للانتخابات التى ألزمت كل مرشح بأن يقدم إلى اللجنة خلال 15 يوماً من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب بياناً يتضمن مجموع الإيرادات التى حصل عليها، ومصدرها وطبيعتها، وما أنفقه منها على الحملة الانتخابية وأوجه هذا الإنفاق.
أخطر ما فى مقال "درويش" من وجهة نظرى أنه يحارب "آفة النسيان" التى يعتمد عليها السياسيين، والإعلان عن نهاية مبدأ "إعمل نفسك ميت" الذى تعامل به حكام مصر وسياسييها على مدى التاريخ الماضى، خاصة بعد حاصرنا النسيان فكدنا ننسى أن فى مصر قامت ثورة.. وأن تلك الثورة التى بهرت العالم أجمع لها قواعدها الخاصة.. نسينا كلام قادة العالم عن شباب مصر.. وأن هؤلاء أسقطوا نظاما لم يكن فى خيال "من يركبون على أكتاف الثوار الأن" أنه سيسقط يوما، كما نسينا "مصر" نفسها فى غمار خوض ماراثون التخويف والتخوين والتكفير المسمى بالإنتخابات وتذكرنا ذواتنا وإستقبلنا قبلة البرلمان وصلينا صلاة الزور والكذب والخداع من أجل السلطة .. واستبدلنا عقيدتنا بمذهب "الغاية تبرر الوسيلة.
خطورة أننا ننسى.. ان هذه الآفة كانت السبب فى دوامات ومتاهات لا نهاية لها، وأننا دائما نقبل "الوضع الراهن".. قبل أن يتحول الى "الوضع الواهن".. ومن "وهن الشعوب" يستمد الحكام جبروتهم.. ويمارسون قمعهم وظلمهم وتزويرهم وكذبهم.. لأنهم هم الأخرين لا يتذكرون أن الشعوب تنتفض أحيانا.. وينسون "الله" و"الضمير" و"العرف" و"القانون".. ولا تبقى سوى شهوة الكرسى.
نسينا أن العدل من سمات الشعوب العريقة.. لأننا احتقرنا عراقتنا وحضارتنا وبلغ ببعضا السفه الى حد تصنيف حضاراتنا الى حضارات "عفنة" و"كافرة" و"ملعونة".. فنزعنا من جذورنا قيم "الضمير" و"الحلم".. وإرتضينا مرة أخرى بقبول "الواقع" كما هو.. وعاد شعار الشعب الأزلى "نحن لن نسقط أبدا.. لأننا فى القاع".
علينا أن نحارب "آفة النسيان" وأن نطارد كل حاكم بإستحقاقاته وأهمها إحترام القانون والقواعد.. وأولها أن نعرف كيف وصل الى مقعد الحكم؟.. ومن أين أنفق؟ وكيف؟ ومتى؟.. "صعبة دى"؟ |