التاريخ : الأحد 16 september 2012 12:55:10 مساءً
منذ أيام أصدر البنك المركزى المصرى موافقته على قيام بنك قطر الوطنى بالفحص الفنى النافى للجهالة للبنك الأهلى سوسيتيه جنرال-مصر، وذلك بعد الطلب الذى سبق وأن تقدم به بنك قطر الوطنى وإعلانه عن رغبته فى الإستحواذ على نسبة 77.17 % من حصة البنك الأهلى سوسيتيه جنرال الأم فى ذراعها بمصر، وهو الأمر الذى يأتى متسقاً مع رغبة البنك الفرنسى للتخارج من وحدته فى مصر ليس بسبب وجود مخاطر للعمل داخل السوق المصرى بقدر ما هو تدعيم لميزانية البنك وتقوية موقفة المالى، ويأتى هذا فى ظل توجه عام لبعض البنوك الأوربية بشكل عام والبنوك الفرنسية بشكل خاص للتخارج من العديد من الوحدات التابعة لها على مستوى العالم فى ظل أزمة الديون الطاحنة التى تجتاح عدد من الدول الأوربية وتهدد توسعها وانتشارها.
وكان قد سبق وأن قام بنك قطر الوطنى بالفحص الفنى النافى للجهالة لثلاثة بنوك أخرى ولم تسفر عملية الفحص عن تقدم البنك بعرض رسمى للشراء لأى من تلك البنوك وهى بنك بيريوس اليونانى وبنك بى إن بى باريبا الفرنسى، بخلاف المصرف المتحد والذى توقف بسبب القضايا المرفوعة على البنك منذ تكوينه على خلفية دمج ثلاثة بنوك متعثرة.
ويعد إقدام بنك قطر الوطنى على تلك الخطوة بالأمر الجيد الذى يأتى فى التوقيت المناسب لما سيكون له من تأثير إيجابى على القطاع المصرفى بوجة خاص ليزيد من جاذبيته و على مناخ الاستثمار فى مصر بشكل عام سواء الإستثمار المباشر أو غير المباشر والذى ظهر جلياً من خلال الإرتفاعات القياسية المتتالية فى سعر سهم البنك الأهلى سوسيتيه جنرال والذى قفز لما يقارب 30 % خلال أول ثلاث جلسات عمل منذ الإعلان عن الرغبة فى الإستحواذ على ذلك البنك وموافقة البنك المركزى للبنك القطرى للقيام بعملية الفحص الفنى، وإنعكس الأمر كذلك على أسعار أسهم قطاع البنوك بشكل عام حيث يساهم ذلك الإستحواذ على إرتفاع التقييمات بالقطاع المصرفى ويدعم من ثقة المستثمرين فى السوق المصرى ويشجعهم على الاحتفاظ بأرصدة أسهمهم.
غير أن عملية الفحص الفنى التى تتم وعرض الشراء المتوقع للإستحواذ على البنك الأهلى سوسيتيه جنرال-مصر من قبل بنك قطر الوطنى يعد من قبيل الإستثمار الطائر حيث أنه وعلى الرغم من استفادة الجانب المصرى من خلال بيع حصة الأقلية المتداولة بالبورصة المصرية إلا أن الإستفادة القصوى من عملية الإستحواذ لن تتحقق لمصر بقدر ما سوف تتحقق للجانب الفرنسى من خلال تحويل قيمة الصفقة للبنك الأم فى فرنسا.
ويشير الأمر هنا الى أن البنك المركزى لم يلعب دور المسوق والجاذب للإستثمار داخل مصر فى تلك الحالة بقدر ما اكتفى بدور المنظم والرقيب من خلال إعطاء الموافقة على القيام بعملية الفحص الفنى، حيث لم يدخل البنك المركزى فى مفاوضات مع البنك القطرى لبحث رغبته فى العمل داخل مصر وكيفية الإستفادة منه بالشكل الذى يحقق الإستفادة القصوى للطرفين، خاصة وأن هناك العديد من البدائل التى كان يمكن أن يلجأ اليها البنك المركزى، لاسيما وأن هناك رغبة سابقة مدعمه بخطط لدى البنك المركزى للتخلص من حصة مصر فى البنك العربى الأفريقى الدولى وهى تلك الخطط التى توقفت بسبب أحداث الثورة، وأصبح الوقت الآن مهيئاً أكثر من أى وقت مضى لتفعيلها فى ظل حالة التفاؤل بمستقبل جيد للإقتصاد بعد الثورة مدعوماً بمساندة العديد من دول العالم، وكل ذلك نتاج التحول الديموقراطى الذى تشهده مصر حالياً.
ولعل من بين تلك البدائل أيضاً إعادة النظر فى فتح باب الترخيص مرة أخرى لبنوك جديدة للعمل داخل مصر خاصة بعد استقرار أوضاع الجهاز المصرفى بعد نجاح المرحلة الأولى والثانية من إصلاحه ومعالجة معظم المشاكل التى كانت تعانيها البنوك من خلال التعامل مع ملفات الديون المتعثرة وتقوية الأنظمة الرقابية السابقة واللاحقة داخل البنوك، ثم زيادة رؤوس أموال البنوك بالشكل الذى دعم من القواعد الرأسمالية لها وجعلها قادرة على إستيعاب المزيد من أنظمة العمل الحديثة بالشكل الذى يدعم من قدراتها التنافسية ويجعلها قادرة على مواجهة المزيد من المنافسة.
إنها أحد القضايا المهمة التي تواجه القائمين على الأمر داخل البنك المركزى المصرى وتحتاج إلى إعادة التفكير.
|