التاريخ : الاثنين 17 september 2012 04:37:14 مساءً
مشهد معقد للغاية ذلك الذى نعيشه، ونحن ندور فى فلك ملتهب وقاتل وخطير حول "لقطات" نكذب على أنفسنا ونحن نسميها "فيلم"، كما نكذب على أنفسنا ونردد أن تلك اللقطات تسيئ للرسول الكريم، بينما نعلم جميعا أن الرسالة الإسلامية تعرضت لما هو أسوأ بكثير، كما تعرض النبي ذاته للإساءة فى سنوات دعوته، ولم ينكمش الإسلام ولم يتقوقع الدين ولم يتراجع الرسول، وأن ما نعتبره إساءة لم يكن 1% ممن شاهدوه وتداولوه شاهدوه لولا ما أثير حوله من انفجارات وزوابع شعبية.
نحن نمارس حالة متواصلة ومبالغ فيها من الكذب حتى أننا صدقنا "كذبنا" من فرط تكراره، فباتت مواقفنا مهتزة ومرتبكة وفوضوية، وكلنا نعلم أن كلمة السر فيما نمر به هى "فتش عن السياسة .. عن العرش .. عن الثروة .. عن الحكم".
لأننا نكذب .. من جديد عدنا مرة أخرى نسأل .. من هؤلاء أمام السفارة الأمريكية.. كما كنا نسأل من قبل فى أخر أيام محمد محمود من هؤلاء.. وهاجم البعض السفارة الأمريكية حتى أن الليبيون قتلوا سفير واشنطن ومساعدوه فى بنى غازى.. التى لولا أمريكا وقوات الناتو لأبادها القذافى عن بكرة أبيها ومثل بجثث معارضيه فيها كما مثلوا بجثة السفير.. كل هذا يحدث رغم أن أمريكا كإدارة وسفاراتها لا علاقة لها بتلك اللقطات السافلة التى تمت تسميتها "الفيلم المسئ للرسول" فلا الجهة التى أنتجه لها علاقة بالإدارة الأمريكية.. ولا دور العرض الأمريكية عرضته، ولا المسؤولين فى أمريكا أعلنوا دعمهم له، أو أوصوا بحصوله على جائزة الأوسكار.
لأننا نكذب.. قام فوضويون بحرق محلات كنتاكى فى لبنان.. رغم أن أصحابها عرب والعاملون فيها عرب والرابحون من ورائها عرب.. وحرقت سفارة المانيا فى الخرطوم استنادا على شائعة تقول أن الرسوم المسيئة للرسول سيعاد نشرها فى صحف المانيا، رغم أن تلك الرسوم منشورة على مواقع عديدة على الإنترنت تماما مثل الاتهامات التافهة فى اللقطات السافلة التى منحوها إسم "الفيلم المسئ للرسول" والمنتشرة بكل لغات العالم على مئات المواقع المتطرفة والمعادية للإسلام.
لأننا نكذب التقطتنا الطعم المعد خصيصا لنا بأيدى تم انتقاءها بعناية بحيث تكون مصرية مسيحية متطرفة منفية، ولم نقف أمام خصوصية التوجيه للمصريين بلهجتهم، ولم نتساءل عن سبب طرحه فى موعد يمثل علامة تاريخية فى العلاقة بين الإسلام والغرب فى الحادي عشر من سبتمبر.
ولأننا نكذب.. قال الامريكان للإخوان بطريقة غير مباشرة لا نصدق وجوهكم المتغيرة وان كنتم تقدمون لنا التعازى وتهانى السلامة باللغة الإنجليزية، فعليكم أن تراجعوا محتوى موقعكم باللغة العربية لأننا نقرا العربية أيضا.
نحن نكذب ونحاصر سفارة أمريكا التى كنا نبحث عن دور لها فى مواجهة جبروت نظام مبارك وهو يتهاوى، وكنا ننتظر خطابات أوباما وتصريحات هيلارى كلينتون، عن ضرورة تنحي مبارك كالباحثين عن طوق نجاة.
أزمتنا أننا نواصل الكذب.. وتلك جريمتنا الأبشع من جريمة هؤلاء الأشخاص السفلة شديدى السطحية والتطرف والكراهية لهذا البلد، الذين أنتجوا تلك اللقطات، وهم يدركوا جيدا أنها ستكون كالحبال التى تترك للأغبياء حتى يشنقوا أنفسهم.
لأننا نكذب.. يعتقد بعضنا أن عشوائية وفوضوية الإعتراض بالكيفية التى كانت عليها فى القاهرة وبنى غازى وبيروت والخرطوم وصنعاء.. قد ردت للرسول ما تعرضه له من أذى.. بينما الحقيقة أن ما فعلناه كان أشد إساءة للإسلام ورسوله ودعوته مما فعله سفهاء المهجر.
|