ذلك المقطع من الفيديو الذى يصرح فيه الرئيس أوباما بألفاظ لا تحتمل التأويل: "مصر لم تعد حليفًا لأمريكا.. ولا هى عدو"! قالها أوباما بوجه غير مرتاح، وربما غير مدرك أنها ستتحول فى فترة قصيرة جدًّا إلى مفتاح الكنز المصرى الجديد.
بهذه الجملة السحرية لم تعد مصر تابعًا لأمريكا.. لم تعد عبدًا مقيدًا فى سلسلتها.. ولا قمرًا يدور فى فلكها.. ولا عربة فى ذيل قطارها... كما كان الحال أيام مبارك، التى ما زالت أمريكا وإسرائيل تتحسران على انتهائها.
هذه ليست قراءة محلل سياسى، ولا هى قراءة للنجوم والأبراج التى أمقتها، وإنما هى تجربة شخصية مررت بها، ووجدت أن من واجبى إلقاء الضوء عليها: دُعيت الأسبوع الماضى إلى لقاء فى مدينة "كولن" مع مجموعة من المستثمرين الألمان.. تصورت أن إقناعهم بضخ استثمارات فى مصر فى هذا التوقيت أصعب من إقناع القدماء بأن الأرض كروية! فوجئت بما عرضوا من أفكار ودراسات تؤكد إصرارهم على اقتحام المجالات الاقتصادية المختلفة بمنتهى الشجاعة والتفاؤل.
أدرك الألمان أن الفرصة غير مسبوقة: بلد لا تتحكم فيه قوى خارجية.. حكم يسعى إلى القضاء على الفساد الذى يتجلى فى الرشوة وكافة أنواع الاستثناءات.. استقرار اقتصادى يعبر عن نية حقيقية فى توفير بيئة عادلة لا تحمل المفاجآت.. عودة ملحوظة للجهود الأمنية.. وقبل هذا كله شعب استعاد كرامته، ولم يعد على استعداد للتفريط فى حقوقه الكاملة.
سيقبل علينا الألمان، والفرنسيون، والإيطاليون، والأتراك، والصينيون، واليابانيون، وغيرهم الكثيرون..وستزداد أمريكا تمسكًا بنا، ولكن على أسس جديدة.. على أسس طبيعية فى العلاقات الدولية القائمة على الندية والشفافية والمصالح المشتركة.
كم كنا أذلة ونحن نمد أيدينا لنحصل على معونات تسرق عصابة الحكم نصفها، وتهدر أغلب النصف الباقى، ليحصل الشعب على نصيبه المتزايد من الفقر والجهل والمرض والمهانة!! ثرنا -والحمد لله-، فأسقطنا النظام، وخلّصنا الحكم العسكرى من وصمة السيطرة على السلطة بالقوة.
أصبحنا دولة طبيعية داخليًّا وخارجيًّا.. نعم، ما زال أمامنا الكثير من العقبات والتعقيدات ورواسب الدولة العميقة!! سنقتلع جذور الفساد يوم نتحد جميعًا عليها، وسنستعيد أخلاقنا التى رسخها فينا أشرف خلق الله من الرسل والأنبياء.
يوم الثلاثاء القادم تحتفل ساقية عبد المنعم الصاوى بجائزة محمد رشوان للأخلاق الرياضية تخليدًا لنبله وترفعه عن انتهاز فرصة يحلم بها ملايين الرياضيين حول العالم. فى اليوم التالى أى يوم "عشرة عشرة" نحتفل بيوم القضاء على الرشوة، لنؤكد أهمية تخلصنا من هذا العار الذى وضعنا فى مصاف الدول الملوثة والطاردة للزائرين من المستثمرين والسائحين.
مرحبًا بالألمان والأمريكان ومستثمرى الهند وجنوب إفريقيا وعُمان...