التاريخ : الاثنين 20 june 2011 09:18:00 مساءً
قديمًا قالوا: "البَعرة تدل على البعير"، والبعير هو الجمل، فكان يستدل العرب القدامى على مكانه باقتفاء مُخلفاته التى تتبعثر على الرمال.. ويحمل ذلك المثل كناية تُعبر فى دلالاتها عن أن كل عمل أو فعل إنما يدل على صاحبه ويشير إليه، ولأن كل فعل يدل على صاحبه فلم أندهش من معلومة وصلتنى مفادها أن "الجمل".. -أقصد يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء- قد وافق على أن يتولى مكتب المحاماة الذى يحمل اسمه وتديره ابنته، الدفاع عن رجل الأعمال الفاسد "وجيه سياج"، حتى وإن لم يترافع هو بشخصه كونه نائبًا لرئيس الوزراء وما ينبغى له ذلك، لكن مكتبه سيكون المُدافع عن "سياج" فى قضاياه ضد الحكومة والبنوك العامة.
ويحيى الجمل معروف عنه حُب المال والسلطة وذلك حتى قبل أن يتولى منصب نائب رئيس الوزراء، فلم يكن توكيل مكتبه للدفاع عن "سياج" بالأمر الغريب، فالمهم جمع المال، حتى وإن حدثت المفارقة الغريبة "أنا يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء والمُعبّر عن الحكومة، وأنا يحيى الجمل ضد الحكومة واقتصاد البلد لصالح الفاسد وجيه سياج"، هذا الرجل -أى الجمل- يستحق جائزة فى قدرته على فعل ذلك، فالعمل العام يتطلب ضميرًا يقظًا خاصة أننا أضحينا نعيش فى ظل ثورة تلفظ كل فاسد، وتكشر عن أنيابها فى وجه كل من باع ضميره، إلا أن هذه الثورة نفسها قد أتت بذلك الرجل الذى يستطيع ادعاء الوطنية، وفى الوقت نفسه يضرب بخنجره ظهر الوطن.
البعض سيعتبر ذلك الكلام تحاملاً على نائب رئيس الوزراء لأن كل متهم لابد أن يجد له محاميًا يُدافع عنه، ووجيه سياج وجد ضالته فى مكتب يحيى الجمل، لكن الأمر الذى لابد أن يكون واضحًا وضوح الشمس أن "سياج" لم ولن يكن متهمًا عاديًا، فهو رجل "ضحك على الدولة وأخرج لها لسانه"، فحصل على نحو 700 مليون جنيه فى قضية تحكيم دولى، ورفض دفع مليار جنيه لصالح البنوك والهيئات الحكومية الدائنة له، والقريب من "سياج" يعرف جيدًا أنه رجل يحب دائمًا الأخذ دون العطاء، فمن واقع أوراق الحكم بإفلاسه فقد رفض دفع 27 ألف جنيه لمُورّد اللحوم لفندقه بالهرم "فندق سياج"، فقام مُورّد اللحوم برفع دعوى إفلاس كى يسترد أمواله وبالفعل حصل على "الحكم" الذى تداخلت فيه -فيما بعد- بنوك وجهات حكومية عديدة.
الأدهى من ذلك والأمّر فيما يتعلق بـ"سياج" أن مديونياته التى يتهرب من دفعها لصالح البنوك والحكومة مُحققة ويتم تداولها فى ساحات القضاء من عشرات السنين، وكل حكم يصدر ضده، يقوم برد المحكمة، ويطعن على الأحكام ويلتف حول القرارات، يُوهم البنوك والضرائب التى تُداينه بإمكانية إبرام تسوية معه، ثم يهرب عند اقتراب التنفيذ، يُجاهد قدر المُستطاع حتى يسقط حكم الإفلاس الذى يلتف حول رقبته بالوسائل غير المشروعة قبل المشروعة، يدّعى الوطنية، وهو يحمل فى جيبه "جواز سفر إيطالى" كان يُخرجه فى وجه المُحققين عند خضوعه للتحقيق فى القضايا والدعاوى التى تُرفع ضده .
أما الشىء الذى أخشى أن يحدث هو أن يستغل يحيى الجمل سلطاته لتعطيل أي إجراءات ضد "سياج"، ومن ثم تكون "ريمة قد رجعت إلى عادتها القديمة" ويعود الفساد لينهش أجساد العباد.
وفى النهاية فإننى أبعث برسالة مهمة إلى يحيى الجمل: "احصل على أتعابك فى هذه القضية -أى قضية سياج- قبل المُرافعة، لأن "سياج" ماكرٌ مكر الثعالب، وكما ضحك قبل ذلك على دفاعه من المُحامين الأجانب فى قضية التحكيم الدولى ولم يدفع لهم ما اتفقوا عليه من أتعاب، سيضحك عليك بالتأكيد". |