التاريخ : السبت 26 january 2013 06:35:07 مساءً
يواجه محافظ البنك المركزي الجديد هشام رامز العديد من التحديات النقدية والمصرفية التي يزيد من صعوبتها التكلفة الباهظة لاستمرار حالة السيولة التي تعاني منها كافة مؤسسات الدولة علي نحو يرفع من معدلات استعصاء الوضع الاقتصادي ومقاومته الحلول والبرامج الاصلاحية.
ومع ذلك فإن أبرز هذه التحديات من واقع آجندة "رامز" الخاصة جدًا التي لم يفصح بعد عن تفاصيلها لأحد : ثلاث قضايا سيتركز نشاطه خلال الفترة المقبلة علي محاولة إيجاد حلول فعالة لها، هي:-
1- قضية سعر صرف العملة المحلية، 2- قضية الاستمرار في استهداف المستوي العام للأسعار ومواجهة التضخم، 3- قضية تطوير الجهاز المصرفي.
وفي السطور التالية سنحاول عرض طبيعة التحدي الأول أمام "رامز" لعل من طالبه في مجلس الشوري بعرض خططه لإدارة المرحلة المقبلة يدرك حقيقة ان محافظ البنك المركزي أحوج ما يكون إلي الدعم والثقة التي هو أهل لها وفقًا لما سنستعرضه.
المهمة العاجلة التي يستعد لها "رامز" منذ اللحظة التي جري فيها تكليفه بهذا المنصب هي سرعة "ترويض" سعر الصرف، وهي المحاولة ذاتها تقريبًا التي كان علي سلفه الدكتور فاروق العقدة القيام بها خلال عامي 2003 و2004 عندما افلت زمام سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وجاوز حينها 7 جنيهات بفعل مضاربات السوق الموازية التي استحوذت علي النصيب الأكبر من تعاملات سوق الصرف وكانت تلك هي الطآمة الكبري.
ولإن "رامز" يدرك ذلك جيدًا بل كان هو نفسه شريكًا في صنع ما تحقق إلي جانب شريكيين آخرين هما "هشام عز العرب" و"حسن عبدالله"، لطالما وجه "العقدة" لهم جميعاً الكثير من الثناء علي مساعدتهم في تحقيق الاستقرار النقدي بعد عام 2004، فهو يعلم ان الحل هو نفسه مرة أخري حيث يتعين ان تعود تعاملات سوق الصرف علي الدولار الأمريكي إلي داخل الجهاز المصرفي حتي تتلقي السوق الموازية والمضاربين ضربة موجعة ولا يكون في حوزتهم ما يضاربون عليه وهذا يستدعي بدوره ان يزيد عرض الدولار بالبنوك عن متوسطات الطلب عليه.
وهنا تحديدًا يكمن مأزق "رامز" فعرض الدولار داخل البنوك والجهاز المصرفي بات يمثل عبئًا بالغًا علي كاهل الاحتياطيات النقدية بعد ان استنزف منه الكثير خلال العامين المضايين بسبب ارتفاع تكلفة الواردات من جهة ونقص الموارد الدولارية وبصفة خاصة القادمة عبر الاستثمارات الاجنبية من جهة أخري، لهذا فإن الاستمرار في عرض الدولار دون قيود بالبنوك بات يمثل ضغطًا رهيبًا علي الاحتياطي، وبالتالي فإن ما قام به الدكتور فاروق العقدة وشارك به "رامز" في السابق لا يمكن تكراره مجانًا الان لإن هنا يعني استنزاف رصيد الاحتياطي بالكامل وفي نفس الوقت لا يمكن ترك العملة الوطنية تواجه الانتحار بسبب جشع المضاربين واستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي وتداعياتها السلبية علي الاقتصاد.
ماذا سيفعل "رامز" إذن؟.. سيكون علي محافظ البنك المركزي السعي إلي تحسين أداء مؤشرات الاقتصاد الكلي واعطاء صورة جاذبة للمستثمر الأجنبي من خلال محاولة إعادة الثقة له في جدية السياسات الإصلاحية وهذا ما حاول أن يستهل بها "رامز" مهمته علي مدار أسبوعين عبر لقاءاته المختلفة مع العديد من المستثمرين والمؤسسات الدولية بالعاصمة البريطانية لندن، ولكن ذلك سيبقي مرهونًا بما ستنجزه الحكومة والدولة بوجه عام تجاه تحقيق الاستقرار الشامل خلال الفترة القصيرة المقبلة لتسهيل مهمة "المركزي".
وسيتبقي بعد ذلك اثنين من الإجراءات من صميم عمل "المركزي" الأول تقييد فتح الاعتمادات المستندية للواردات الترفية التي تزيد من معدلات الطلب علي الدولار، والثاني استمرار آلية عطاءات "المركزي" الدولارية ما يسمي بالـ"FX" التي تساعد الأخير علي جمع فوائض الدولار من داخل السوق المصرفية لإعادة ضخها إليه عند الحاجة لمنع ضغوط المضاربة.
يستطيع "رامز" إنجاز هذه المهمة الصعبة وترويض سعر الصرف فقط، وفقط إذا انجزت الحكومة ومؤسسات الدولة المختلفة مهمتها في تحقيق الاستقرار الفعلي بلا شعارات.
|