التاريخ : الأحد 26 may 2013 12:34:11 مساءً
عاشت مصر على مدار الأيام القليلة الماضية فترة من أصعب فترات ما بعد الثورة، وذلك فى أعقاب إختطاف سبعة من جنودها على أرض سيناء الباسلة، وعلى أثر ذلك سعت العديد من القوى والتيارات السياسية المختلفة للإستفادة من الموقف والتصعيد ضد النظام الحاكم بدعوى ليس فقط التأخر فى تحرير هؤلاء الجنود المختطفين ولكن أيضاً بتوجية الإتهام بالمشاركة فى صنع الحدث سواء من مؤسسة الرئاسة أو من جماعة الإخوان المسلمين وذلك للإطاحة بقيادات المؤسسة العسكرية وعلى قمتها الفريق عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع والانتاج الحربى ورئيس الأركان الفريق صدقى صبحى، وقد تبارت العديد من الصحف ووسائل الإعلام المختلفة فى تفسير ما يحدث ومحاولة الوصول الى نتائج بعضها صحيح وأغلبها بعيد كل البعد عن منطق العقل والتفكير السليم.
وعلى الرغم من النجاح المصرى الخالص فى تحرير هؤلاء الجنود بدون إرقائة قطرة دم واحدة وفى توقيت جيد وبدون مساعدة أى قوى خارجية والاعتماد فقط على مؤسسات الدولة الأمنية سواء من وزارة الدفاع مممثلة فى المخابرات العسكرية أو وزارة الداخلية ممثلة فى الأمن الوطنى والأمن العام أو جهاز المخابرات العامة، إلا أن محاولات القفز على الحقيقة وطرح سيناريوهات لعملية الإفراج عن الجنود والتى من بين ما تتضمن تقديم المزيد من التنازلات التى تهدر من حق المواطن المصرى وكرامته وتضيع من هيبة الدولة وسمعتها داخلياً وخارجياً وذلك لإيجاد نوع من الريبة والشك الذى يزعز الإستقرار الداخلى ويزيد من الفرقة والصراع السياسى المشتعل فيما بين التيارات السياسية المختلفة ليؤدى الى المزيد من الإقتتال الداخلى.
وكمحاولة للتهدئة ولإظهار الحقيقة ومن خلال مؤتمر صحفى موسع سعى من خلاله المتحدث الرسمى بإسم مؤسسات الدولة المختلفة التى شاركت فى تلك العملية الناجحة لإطلاق سراح الجنود المختطفين سواء مؤسسة الرئاسة أو وزارة الدفاع أو وزارة الداخلية و كذلك جهاز المخابرات العامة الى طمأنه الشعب المصرى على نجاح العملية بدون تقديم أية تنازلات، وعلى الرغم من ذلك مازالت محاولات القفز على الحقيقة والسعى لكشف المستور يؤدى المزيد من الإحباط الداخلى ويمكن أن يكون له تأثيرات سلبية تحقق المزيد من الخسائر المعنوية والمادية.
ويبقى التساؤل لماذا لا تركز كافة التيارات السياسية من جهودها فى تلك الفترة التى يسعد فيها المجتمع ككل ويفرح بإطلاق سراح جنوده ببناء مزيد من الثقة وبمد جسور التعاون مع مؤسسة الرئاسة ومع الشعب ومع جماعة الإخوان المسلمين، وفى ذات الوقت تسعى مؤسسة الرئاسة لتقديم المزيد من الثقة بتحقيق بعض المطالب على أرض الواقع لاسيما تلك القضايا الخلافية الشائكة المرتبطة بالنائب العام الحالى وبتشكيل الحكومة الحالية وبتشكيل لجنة محايدة لإعادة صياغة بعض مواد الدستور الخلافية، ويمكن أن يؤدى تحقيق ذلك الى إحداث نوع من التوافق السياسى الذى يدفع من التطور السياسى والديموقراطى ويمكن أيضاً أن يؤدى الى دفع عجلة العمل والانتاج، كذلك يمكن بناء على ذلك مشاركة الجميع فى بناء رؤية اقتصادية واضحة تحظى بقبول صندوق النقد الدولى بالشكل الذى يعجل من إبرام إتفاق يؤدى الى المزيد من جذب الاستثمارات الأجنبية والحصول على المزيد من حزم المساعدات الاقتصادية المتوقفة بسبب ما يشهده المجتمع من صراع سياسى ينعكس فى تقييم التصنيف الائتمانى من قبل العديد من مؤسسات التقييم الدولية.
ويبقى على كافة مؤسسات الإعلام والصحافة فى تلك اللحظات الحاسمة التى يسعد فيها ويفرح الشعب المصرى بتحرير جنوده بإن تصبح معول بناء وليس هدم، من خلال عدم تخصيص المزيد من الوقت والجهد لمحاولة كشف المستور، ولكن التركيز على كل ما يجمع ولا يفرق بالشكل الذى يحافظ على قوام المجتمع ويؤدى الى معالجة مشاكله الراهنة والتى أصبح المواطن لا يستطيع معها تحمل المزيد.
إنها أحد القضايا المهمة التى تواجة كافة التيارات السياسية فى مصر بما فيها جماعة الاخوان المسلمين و قبل هؤلاء مؤسسة الرئاسة وتحتاج الى اعادة التفكير. |