التاريخ : الأحد 26 may 2013 06:40:45 مساءً
سألنى صديق: هل يُزعجك الإقبال المُفاجئ فى السوق على إصدار مطبوعات تستوحى بصورة أو بأخرى تجربة "المصرفي" التى سعت لأن تكون أول إصدار مُتخصّص عن التمويل والبنوك داخل السوق المصرفية؟
فأجبته بالنفى وأكثر من ذلك أننى أدرك أن المطبوعة تصدر فى سوق حرة يُمكن أن تتسع للجميع كلٌ حسب وزنه النسبى وما يُلبّيه من احتياجات المُستهلكين داخل هذه السوق والفيصل فى نهاية المطاف لمستوى جودة السلعة.. ولهذا وقبل أن تحدث هجمة الإصدارات المُتخصصة فى الشأن المصرفى لم أقلق من قدوم هذه اللحظة بل لعلى انتظرتها لأختبر مدى قوة وصلابة القواعد التى قررت انطلاق هذه التجربة منها حتى بعد الاضطراب الذى أصاب سوق الإصدارات الصحفية بوجه عام فى أعقاب الثورة.
الأمر لا يتعلق بما يتردّد عادة فى مثل هذه المناسبات عن الثقة فى الذات وتفرّد الإصدار بالرغم من أن لذلك نصيب من الصحة وإنما فى تقديرى وحسب ما اقتنعت به واعتبرته خاضعًا للاختبار الموضوعى دائمًا تتحكم فيه عوامل ثلاثة أساسية قد تؤثر فى تلك الحسابات عوامل أخرى لكننى أحسبها ثانوية.
العامل الأول بين هذه العوامل هو وضوح الرؤية لدى المطبوعة عمّا تقدّمه من محتوى وعن الشريحة التى تتوجّه به إليها، وهذا فى تقدير ألف باء النجاح لأى مطبوعة، فإذا لم تكن ترى هدفك بوضوح وتعرف جيدًا أدوات وصولك إليه فإنك لن تصل إليه أبدًا ربما تقترب منه وتحقق بعض النجاح الذى يكفى البعض للاستمرار فى التجربة ولكن دائمًا ستظل هناك فجوة يشعر بها قارئ الإصدار تقف بينه وبين موجة الرسالة وتحول دون التواصل بينهما.. ووضوح الهدف هنا يعنى أن تعرف احتياجات قارئك ومن هو لتلبيها وتظل تسعى إلى تجويد ورفع كفاءة تلبية هذه الاحتياجات طالما تصدر من عدد إلى آخر.. وهذا هو العامل الأول.
العامل الثانى يتعلّق بآليات العرض والطلب فالإصدار الجديد هو فى نهاية المطاف "سلعة" وبالتالى كلما أدركت هذه السلعة عبر القائمين عليها أنها تمثل عبئًا على جانب العرض دون أن تمثل ثقلاً حقيقيًا فى جانب الطلب فإن خروجها إلى السوق هو مجرد نمو طفيلى ربما يضع فى اعتباره إغراءات الملاءة المالية التى يمثلها قطاع البنوك كقطاع معنى داخل السوق ولكن هذه الميزة وإن كانت حقيقية لا تصلح سببًا لصدور مطبوعة ما لفترة من الوقت لأن هنا جانب العرض سوف يتضخم دون جدوى حقيقية بينما سيظل الطلب مُرتبطًا بالاحتياجات الفعلية التى تحدّد فرص رواج هذه السلعة.
العامل الثالث يتعلّق باعتبار بالغ الدقة والخطورة هو ما يسمى "عامل الولاء" فأى مطبوعة لا يمكن أن يُكتب لها النجاح إلا إذا تحقق هذا العامل فى اتجاهين من صاحب الرسالة الصحفية أولاً فى اتجاه القارئ ثم بالعكس من الأخير باتجاه الأول ثانيًا وهذا الولاء يقيس مدى قوة وصلابة ارتباط الرسالة بالهدف فإذا كان صاحب الرسالة الإعلامية مُتعدّد الولاءات تجاه العديد من الإصدارات فإن مُبادلة القارئ له الولاء تتأثر كثيرًا بما يؤثر على نحو فعلى وعميق على الرسالة الصحفية نفسها.
لهذه العوامل مُجتمعة قلت لهذا الصديق مازلت لا أشعر بالقلق.. ومرحبًا بالجميع على أساس من "الحرفية" والمُنافسة الشريفة.
|