التاريخ : السبت 25 june 2011 11:46:06 مساءً
تصنف قطر كأغنى دولة فى العالم فى ظل تمتعها بثروة هائلة من الغاز فى المقام الاول ومن النفط فى المقام الثانى، وطبيعى ان دولة بهذا الثراء لن يكون بها عدد كبير من الفقراء، وبالرغم من ذلك فأن المسئولية الاجتماعية لرجال الاعمال هناك تدفعهم الى التبرع للكثير من أوجه الخيروالعمل العام، دون ان يكون فى حسبانهم الحصول على منفعة ضريبية لان الضرائب فى قطر لا تذكر ودون الحصول على شهرة او صيت.
فقط هى قناعة من رجال الاعمال ان عليهم واجب تجاه وطنهم، مثلا تبرع رجل اعمال اسمه الشيخ ثانى بن عبد الله ال ثانى رئيس مجلس ادارة شركة ازدان العقارية بجزء من اسهمه فى الشركة لصالح مؤسسة خيرية انشأها لهذا الغرض، والى هنا والامر عادى ويحدث فى كل دول العالم لكن الغير عادى ان هذا الشيخ تبرع بما قيمته 14 مليار ريال.
أيوه 14 مليار .. مش14 مليون .. هذا هو نموذج رجل الاعمال الذى نريده ونتمناه فى مصر فهو لا يسع الى منصب وتكفيه شركاته ولا يسعى الى صيت لانه يمتلك بدل الجريدة اثنين ولو اراد ان ينشر صوره واخباره يوميا وفى كل الصحف لفعل، لكنه لا يبحث عن هذا بل يعلم ان عليه دين تجاه وطنه ومسئولية اجتماعية فقام بها .
اما الاخوة رجال الاعمال المصريين وانا اتحدث عن معظمهم فقد تفننوا فى التبرع لإذلال الناس على طريقة التركى الذى افلس ووقف يبيع فجل فى الطريق وكان ينادى على المشتريين "فجل يا كلاب".
تقريبا هذا ما حدث عندنا رجل الاعمال يبنى مسجد او مستشفى ليذل اهله وجيرانه ويشعرهم ان الباشمهندس الفلانى او الحاج العلانى صاحب فضل عليكى يا بلد، وتبدأ حروب داحس والغبراء بين رجال الاعمال على سرقة الاراضى والمناصب والظهور الاعلامى .
اعرف رجل اعمال من اصول متواضعة اشترى فيلا ضخمة على النيل فى العجوزة وبعد الشراء حاول احد صغار المستثمرين ان يبنى فندقا عائما على النيل (ومن حظه السيء جاء الفندق فى مواجهه الفيلا يعنى السيد رجل الاعمال ممكن وهو بيبص من شباك المطبخ تطرف عينه رؤية المطعم فيتنكد هو أو زوجته) وبدات حملة شعواء فى الصحف على المستثمر الصغير من ان هذا الفندق يهدد رياضة التجديف فى مصر وتضافر كتاب وصحفيين فى البكاء على رياضة التجديف العظيمة وبالتالى توقف المشروع الى ان عرف المستثمر الصغير السكة الى بيندفع فيها وبعد دفع المعلوم افتتح المطعم غصب عن عين رجل الاعمال الكبير.
رجل اعمال اخر التقيته مع استاذى الراحل سعيد عبد الخالق فى حفل عشاء وجاء يعاتبنى على كتاباتى التى كان يعتقد انها ضده ولم يخلو الامر من استعراض عضلات على طريقة انا بانى كام جامع وبصرف على كام يتيم ثم تطرق الامر الى استعراض العضلات على انواع الطعام والفواجرا والسيمون فيميه وقدرته على التفريق بينهم بمجرد النظر لا التذوق، ووجه الكلام لى وهو يمسك احدى انواع الفاكهه التى تنبت فى دول جنوب شرق اسيا متهكما طبعا يا ايهاب بيه متعرفش ايه دا؟ ورديت عليه طبعا يافلان بيه ما اعرفش اسمه واعتقد انك قبل عشر سنين لم تكن تعرف اسمه لان معلوماتى انك ابن ناس طيبيين زى حالاتنا!
وكانت قطيعة وكراهية بينى وبين رجل الاعمال الكبير الذى بدأ حياته مبيض محارة.
وللاسف هذه النماذج هى التى كانت تحكم وتتحكم فى السابق وستأخذ البلد الى الوراء لو استمرت بافكارها وممارساتها.
نموذج رجل الاعمال المطلوب هو الذى يحول القرية التى خرج منها الى وحدة انتاجية، يمحو امية اهلها ويفتح فرعا من مصنعه او ورشه فى بلدته ليشغل شباب القرية او المدينة التى خرج منها.
المساجد والمستشفيات شىئ جيد لكن الناس تحتاج الى العمل ولا تنتظر الصدقة التى يرميها رجل الاعمال ويمشى .. مصر محتاجة الى فكر جديد (استغفر الله العظيم .. اللهم اجعله خير .. مش بتاع جمال واصحابه).
مصر تحتاج الى عقلية المصنع بضم الميم وليس الى عقلية التاجر لان التصنيع هو الحل للنهوض بمصر.
|