التاريخ : السبت 26 december 2015 04:11:25 مساءً
لا بأس من المُعارضة النابهة التى تقود إلى جادة الصواب وترّشد إلى الصالح، فنحن أحوج ما نكون إليها فى هذه اللحظة الفارقة التى نعيد فيها بناء الوطن.. فقد انقضى عهدًا كانت مُقاومة الإصلاح فيه ترفع شعارات من قبيل "لا صوت يعلو على صوت المعركة".
ولكن المُعارضة التى نحتاج إليها هى تلك التى تقدّم الحلول وتطرح البدائل بينما هى تمارس دورها الدستورى فى النقد والخلاف، أما أن تحوّل هذه المُعارضة معاولها للهدم وإشاعة البلبلة والفوضى.. فكيف يمكن التصالح مع هذه المُعارضة أو قبولها داخل لحمة النسيج الوطنى الواحد؟!
هذا ما بدا لى أنه يستحق التنويه فى السطور التالية بعد ما تعرّض طارق عامر قبل أيام من استهداف رخيص ليس لشخصه وإنما للسياسة التى ينتهجها وهذا أمر أخطر من الاستهداف الشخصى لأن تبعاته لا تنال من شخص واحد مهما كانت أهميته، وإنما من صالح عام، الإضرار به ينحدر بصاحبه إلى مهاوى الخيانة وليس فى ذلك مُبالغة لأن مبلغ الضرر عندما يصل إلى تهديد لقمة العيش التى تمثل العملة الوطنية أداة للحصول عليها فهذا استهداف خطير.. أما الوسيلة التى تم بها هذا الاستهداف فهى التى تتسم بـ"الرخص" لأنها اعتمدت على التدليس فى نقل المعلومات، وأعنى بذلك ما نسب إلى "عامر" على حسابات بـ "الفيس بوك" من تصريحات تضر بالسياسة النقدية التى اتبعها للدفاع عن سعر صرف الجنيه.
ولأن "عامر" أدرك خطورة الانسياق وراء ما تردّده تلك الحسابات فقد سارع إلى الإعلان عن عدم امتلاكه أى حسابات شخصية عبر وسائط التواصل الاجتماعى، قاطعًا الطريق على محاولات النيل من العُملة الوطنية.. غير أن هذا على أهميته ليس هو نهاية هذا المطاف لأن تأمل خلفيات المشهد بكشف عن وقوف جماعة الإخوان وهذا ليس افتئات عليها وراء هذا الاستهداف "الرخيص" بعد أن كشفت مصادر الصور المنشورة عبر هذه الحسابات عن وقوف شبكة "رصد" المحسوبة على الجماعة وراء تلك الصور بالرغم من محاولة تلك الحسابات التخلص من الطابع الدال على هويتها مُحاولة نقل معلومات لا علاقة لها بالسياسة وتفاصيل فنية عن نشاط محافظ البنك المركزى لكنه نوع من "دس السم فى العسل".. ليصل الإخوان بالخلاف السياسى إلى "فجر" الخصومة التى تتجاوز كافة الحدود ولا تبقى على أي "محرّمات" أو "مقدّسات" خارج نطاق الخصومة.
هذا هو الأخطر فى ذلك السلوك لأن الإصرار على هذا النهج يفتح الباب أمام التشدّد فى عزل كافة المُنتسبين إلى هذه الجماعة ويقطع الطريق على أي حلول سياسية فى المستقبل إن كانت ثمة حلول باقية.. بل انه ينسف فكرة التصالح مع الدولة الوطنية التى تجعل الدفاع عن مُقدرات الدولة مبررًا لمزيد من العُزلة والحصار.
تصرّف "عامر" يستحق التقدير.. والرهان على إدارته الرشيدة يتجاوز هذا الرد إلى تحقيق نجاحات على صعيد السياسة النقدية كما حدث بعد عام 2004 وحتى عام 2008 تجنى الدولة الوطنية -بكل طوائفها المنضوية تحت لوائها وفى ظل قيمها- ثمارها.
|