التاريخ : الأحد 26 june 2011 02:19:14 مساءً
تتميز البنوك بأهميتها القصوي لأي اقتصاد في العالم كبر حجمه أو صغر, حيث تعتبر البنوك وسيط مالي بين المقرضين (أفراد لديهم فوائض مالية وليس لديهم خطط لاستثمارها) والمقترضين (أفراد لديهم خطط استثمارية محددة جيداً, ولكن ليس لديهم السيولة الكافية لإنجاز مثل هذه الخطط), ومن هنا نشأت الحاجة لدور البنوك بأشكالها المتنوعة سواء التجارية أو المتخصصة للقيام بدور الوسيط بين المقرضين والمقترضين مقابل عمولة معينة نتيجة الفرق بين ما يعطيه البنك للمقرضين وما يحصله البنك من المقترضين, ثم تطورت وظيفتها بتقديم العديد من الخدمات مقابل رسوم معينة, إلا أنه يظل تحت الوظيفة الأصيلة للبنوك كوسيط مالي عن طريق تقديم التسهيلات الائتمانية قصيرة أو طويلة الأجل للأفراد أو الشركات.
وليس نرجو من هذا المقال إيضاح أهمية دور البنوك فحسب, وإنما نريد أن نوضح أهمية دور البنوك وتمويلاتها للخروج من الأزمات الاقتصادية أو فترات الركود (وحالات الركود هي تباطؤ معدلات النمو في الأجل القصير ولكن إذا استمرت حالة التباطؤ هذه في الأجل الطويل تتحول إلي كساد اقتصادي).
وللخروج من حالات الركود والكساد, فيجب تنشيط ودعم القطاعات القائدة التي لديها قوي دفع للأمام والخلف فتقوم بتنشيط بقية القطاعات الاقتصادية معها, ويعتبر قطاعي السياحة والمقاولات من الأمثلة الواضحة للقطاعات القائدة التي اعتمد عليها الاقتصاد المصري في تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي في تسعينات القرن الماضي, وتقبل البنوك في فترات الرواج الاقتصادي علي اقراض ومنح هذين القطاعين وتقديم كافة التسهيلات اللازمة سواء قصيرة أو طويلة الأجل للنهوض بها, وذلك لحقيق أقصي أرباح طبقاً لافتراضات الرشادة الاقتصادية.
علي الرعم من حالات الركود الاقتصادي التي تشهدها مصر بعد أحداث ثورة يناير, والتي أدت إلي تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي, نتيجة انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة الاحتياط وانخفاض دوافع المضاربة في الاقتصاد المصري نتيجة لغياب الاستقرار الاقتصادي اللازم للأنشطة الاقتصادية, وهو ما يخلق معه فجوة تمويلية تحتاج معه الشركات العاملة إلي ضخ سيولة في الاقتصاد, وهنا يبرز دور البنوك في سد هذه الفجوة التمويلية عن طريق تسهيلات قصيرة وطويلة الآجل اللازمة لعمليات التشغيل وحتى لا تتوقف الشركات العاملة عن الإنتاج.
وعلي الرغم من التوقيت الهام وضرورة تدخلها, فلقد قامت عدد من البنوك بتصنيف قطاعي السياحة والمقاولات بأنهم قطاعات حساسة ذو مخاطر مرتفعة, مما يكون من شأنه تخفيض الخطط الاستثمارية والتوسعية للبنوك في هذين القطاعين القائدين, وهو ما من شأنه أن يزيد من أعمال الركود وعدم الخروج من الدائرة الاقتصادية الضيقة, وبالتالي يقع عبء الخروج من هذه الأزمة علي السياسات المالية الحكومية من توفير الدعم وحزم الإنقاذ المالي وغيرها, علي الرغم من الدور الذي كان من المفترض أن تلعبه البنوك في مثل هذه الحالة, ولكن تكتفي البنوك بتقديم الدعم والتسهيلات للعملاء فقط خشية تعثرهم المالي حال رفضت البنوك التمويل, دون فتح أسواق جديدة قد تعتبر ضرورية وأكثر أهمية ومكملة لدورة النشاط في هذه القطاعات, والاكتفاء بالجلوس في مقاعد المتفرجين انتظار الدور الذي يمكن أن تلعبه الدولة في هذه الحالة, بدلا من الدور الذي يمكن أن تلعبه البنوك.
|