التاريخ : الثلاثاء 05 july 2011 02:13:41 صباحاً
مطلوب من المجلس العسكري وحكومة شرف الاعتراف بوجود مشكلة كبيرة في مصر الآن.. جوهرها غياب الرؤية وسببها المباشر هو طريقة إدارة المشهد العام في مصر بعقلية الموظف لا بعقلية السياسي..لنأخذ ماجري الثلاثاء الماضي في ميدان التحرير مثالا.
فعندما يتجمع بضعة آلاف في ميدان التحرير وهم في حالة غضب يصبح الفهم قاصرا عندما يصفهم بالبلطجية..(سنسلم بوجود عدد من البلطجية لكن اطلاق صفة البلطجية علي الجميع يعيدنا الي عقلية ماقبل يناير)..ثم عندما يطالب المواطنون- ذفي هتافاتهم- بالميدان بالقصاص من قتلة الثوار..فإن رد فعل الشرطة يجب ألا يكون بتلك الطريقة التقليدية-الهمجية- باستخدام القنابل المسيلة للدموع..لأن ذلك يعيدنا الي أجواء جمعة الغضب 28يناير..هذه أول مواجهة بين المواطنين وقوات الشرطة في ميدان التحرير بعد ثورة يناير وكان المتوقع أن نشهد أداء مغايرا من الشرطة يختلف عما قبل يناير..وهذا الأداء لن يأتي سوي من عقلية مختلفة في التفكير..إدارة تتصرف بعقلية السياسي لا بعقلية البيروقراطي.
لايمكننا بحال ونحن نناقش ماجري في ميدان التحرير الأسبوع الماضي أن ينصرف الكلام الي وزارة الداخلية فقط أو الي رئيس الحكومة فقط بل مباشرة الي السلطة التي تدير البلاد ونعني بها المجلس العسكري والذي من المفترض أنه يعرف بوجود مشكلة حالية ضاغطة اسمها الأمن وعلاقته بالمواطن ..فالأمن غائب ولايزال وجوده رمزيا في حياة المصريين كما أنه يعاني شرخا نفسيا كبيرا بعد جمعة الغضب الأولي ورغم مرور خمسة أشهر فإن شيئا في هذا الملف لم ننجز فيه شيئا..فلا جرت محاولات لاستعادة الثقة بين الطرفين (الشعب والشرطة) كما أن الحكومة لم تنجح في استعادة الأمن حتي الآن.. أضف الي ذلك وجود علامات استفهام كثيرة داخل ملف الأمن لاتجد جوابا لدي الرأي العام وظني أن المجلس العسكري مطالب بالرد عليها وهي كالآتي:
1-لماذا يظل قتلة المتظاهرين من لواءات الشرطة داخل مكاتبهم بوزارة الداخلية مثل مديرا أمن اكتوبر والجيزة السابقين والملحقان حاليا بالعمل بادارة التدريب بالوزارة..ألا يؤثر ذلك علي سير التحقيقات ثم كيف وافق وزير الداخلية ورئيس الحكومة والمجلس العسكري علي هذا الوضع المغلوط.
2-في أوائل مارس الماضي جري الاعلان عن ائتلاف ضباط الشرطة المكون من مجموعة من الضباط الشبان بهدف تطهير الداخلية من بعض قياداتها المنحرفة وفتح صفحة جديدة مع المواطنين والتقي الائتلاف وزير الداخلية لكن فجأة اختفي اسم وصورة هذا الائتلاف..فماذا جري..بعض ضباط الشرطة الشبان تواجدوا الثلاثاء الماضي في ميدان التحرير وذكروا للحاضرين أنهم من ائتلاف ضباط الشرطة وحكوا أنهم تعرضوا لتهديدات عنيفة من بعض قيادات الداخلية بعدم اثارة قصة الائتلاف ومطالبه والا التشريد سيكون مصيرهم.
3- هناك علامة استفهام كبيرة تتعلق بسجن وادي النطرون والذي جري بناؤه واصبح جاهزا لاستيعاب ثلاثة آلاف مسجون عندما يدخل الخدمة لكن بعض قيادات الداخلية تعرقل عملية الاستلام مرددة أسبابا واهية مثل نقص بعض الأجهزة الكهربائية والمعروف أن دخول سجن كبير بحجم وادي النطرون الي الخدمة يحل مشكلة تكدس المساجين في بقية السجون كما يوفر مكانا لاستقبال آلاف المجرمين والبلطجية السارحين في الشوارع ورغم ذلك لم نجد تصريحا كاشفا للداخلية حول عدم استلامها لسجن وادي النطرون.
4- السؤال الأخير حول أسباب عدم الاستجابة لمطالب المتظاهرين من أسر شهداء الثورة والذين يطالبون بسرعة انجاز المحاكمات العادلة لقتلة ابنائهم..فلا يعقل أن يجري تأجيل تلك القضايا بالشهور كما لايعقل أن يصدر حكم باعدام أمين شرطة بتهمة قتل متظاهرين وهو حكم سريع وحاسم ثم لا تقابله أحكام مماثلة في السرعة بخصوص وزير الداخلية الأسبق وكبار مساعديه ثم لماذا لايري أهالي الضحايا قتلة أبنائهم داخل قفص المحاكمة ولماذا يتم اخفاء وجوههم وتغطيتهم بأوامر من قيادات الداخلية.
كل ماسبق اسئلة مشروعة في الشارع الآن نوجهها مباشرة الي المجلس العسكري للاجابة عنها..وتقديري أن عدم تفسير تلك الاستفهامات سوف تزيد الشارع غليانا واحباطا..وستحمل كل جمعة تظاهرة جديدة في ميدان التحرير وهي رسالة للمجلس العسكري بضرورة الحل وعدم استمرار الحال المرفوض كما هو عليه.
مصر قامت فيها ثورة لكن بعض قيادات الدولة لاتصدق ذلك ولاتحب ذلك.. لذا ربما تحتاج تلك الثورة الي ثورة ثانية لتأكيدها....فمتي يدرك صانع القرار حجم الغليان في الشارع؟
|