التاريخ : الجمعة 08 july 2011 12:46:48 صباحاً
منذ أيام عاد أحد أصدقائي من الصين، وهو يعمل صحفيًا هناك، قال لي: رغم العدد الكبير في الصين؛ إلا أن البلد تتسم بالنظام، ورغم نظامها السياسي الاشتراكي، إلا أن الجميع يحترم الحكومة؛ لأنها تعمل لصالحه، وهو يعلم جيدًا أنها تفعل ذلك.
ليست الحريات وحدها هي سبيل تقدم الأمم.. ففي الصين يوجد حظرًا على الفيس بوك، بل أغلب القنوات الإخبارية، باستثناء ما تصرح به الحكومة من قنوات، والشعب ليس متذمرًا على الاطلاق ما دامت حكومته تنتهج سياسات اقتصادية تحقق أمانيه.
وحتى تعلم مدى الحزم والجزم الذي تتمتع به الصين، فقد صدر حكمًا بإعدام أحد مسؤوليها الحكوميين الكبار؛ لأنه اختلس حوالي 10 ملايين إيوان، والإيوان أقل من الجنيه المصري.
وقفة تأمل.. مسؤول حكومي يسرق ما يعادل 8 ملايين جنيه مصري يُحكم عليه بالإعدام، وهنا في مصر عشرات المسؤوليين يسرقون المليارات، ويعيشون في رغدِ، بل يعامل القلة الموجودة منهم داخل السجون بكل احترام وتقدير سواء من قبل الحكومة أم من قبل مسؤولي السجون، فأي عدالة تنتهجها الحكومة المصرية.
بالرغم من فخري الكبير بمصريتي والثورة التي قمنا بها لتطهير مصرنا الغالية.. إلا أنني تمنيت في اللحظة نفسها التي يحكي فيها صديقي هذه القصة أن أكون صينيًا، فلقد أيقنت أن العدالة هي المعيار الحقيقي لتقدم الأمم، والضرب بيدٍ من حديد على إيدي لصوص المال العام هو السبيل لحفظ الأمن والنظام.
كان صديقي الصحفي المحترم حسن الزوام فرحًا بالحكم الذي صدر على حلمي أبو العيش بالسجن عامًا مع إيقاف التنفيذ، وسداد المبلغ الذي استولى عليه من وظيفته في قضية تحديث الصناعة، وكتب تعليقا علي الخبر في الفيس بوك - رمز الحرية المصرية – "سنة مع إيقاف التنفيذ لحلمى أبو العيش .. أقل الضرر لرجل أعرف جيدا أنه محترم وإبن محترم" .. وعلقت عليه وقتها بأنه ابن محترم فقط.
والآن أكمل التعليق في هذا المقال .. يا صديقي العزيز.. فلو أن كل مسؤول تم التعامل معه بهذه الرأفة والاكتفاء باستعادة ما سرقه، فلن تتحقق العدالة، فهذه جريمة من الجرائم، التي تم الكشف عنها فما بالنا بما لم يتم الكشف عنه، لقد خان الموظف العام الكبير الأمانة والعقوبة الرادعة هي الإعدام مثلما حدث في الصين، حتى لا يتجرأ موظف أخر سواء صغير أم كبير أن تتمتد يده على أموال الشعب.
اليوم فقط أنا غير مقتنع بمحاكمة رموز الفساد في عهد الرئيس المخلوع أمام المحاكم المدنية، وإنما يجب أن تتم لهم محاكمات عسكرية، سريعة ورادعة، وتطبق عليهم أقصى عقوبة، بل يجب أن نرى المشانق معلقة لبعضهم حتى نستعيد هيبة الدولة، والأمن المفقود، بل نستعيد مصر التي سرقها السارقون.
|