التاريخ : الجمعة 08 july 2011 05:25:16 مساءً
|
هل تذكرون تلك الجملة الشهيرة من رائعة السينما المصرية " واسلاماه " التي قالها مبعوث هولاكو للشعب المصري بعد أن مات الزعماء ايباك واقطاي وشجرة الدر، بفعل المؤامرات والخيانات، مبعوث هولاكو حمل رسالة لشعب مصر مفادها أن سلِمُوا تَسلموا، ولإظهار القوة وإيهام من تبقى في القصر بأن المصريين هم الحلقة الأضعف وبالتالي فعليهم التسليم طوعاً، وقف المبعوث، في مشهد حُفر في الذاكرة العربية وقال " وأكلم مين لما أحب أخاطب شعب مصر؟ فلم يجد أمامه إلا "أحمد مظهر" أقصد المملوك محمود فخاطبه: "أنا .. فردٌ عادي من شعب مصر ممكن تتكلم معايا أنا"، بعدها التفّت جموع الشعب المصري حول رئيسهم الجديد وهزموا التتار.
وكأن قدر مصر أن تتمخض كل بضع سنين عبر تاريخها العريق، فتتوقف ويتوقف العالم معها في محطات مفصلية تضع مصر على أعتاب تغيرات راديكالية في بنيتها السياسية، وكأن التاريخ يعيد نفسه، غير أن الرسائل في هذه المحطة التاريخية التي تعيشها مصر متعددة من الداخل ومن الخارج وبدل هولاكو واحد،أصبح لدينا اليوم العشرات بل المئات من الـ الهولاكيين".
أعترف أن الربط بين ما قاله رسول هولاكو، ومشاعر الأغلبية الصامتة من المصريين، لم يأتي من فراغ، بل هناك شواهد ودلائل، فتمترس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى رئاسة مصر، خلف بياناته على " فيسبوك " أفقد المصريين شعورهم " بالكبير" الرئيس الأب، القائد رمز البلد، والكثير من التعابير التي استقرت في الذهنية المصرية، وأدمنها الشعب المصري حتى أصيب بالاضطراب والفوضى من حالة الفراغ السياسي التي تعيشها البلاد هذه الأيام، ولا أجد ما يمنع رئيس المجلس العسكري المشير طنطاوي من مخاطبة شعب مصر، لطمأنة الفئات الثائرة، وجمع المصريين على كلمة سواء، ولترميم صورة الزعيم أو الرئيس التي سقطت بسقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك، نعلم أن الوقت لاعب أساسي في معركة التحول المصري، ونقدر تشابك المشاهد والمهمة الجبارة التي يضطلع بها المجلس العسكري، لكن التاريخ يقول أن المصريين كما أنهم عبدوا فرعون، كفروا بنظام حسني مبارك العتيد وأسقطوه، وبين العبادة والكفر تبقى الكلمة للشعب، فاحذروا ثورة شعب ثائر جريح.
وعلى الرغم من أني لا أتفق مع دعوات "هيكل" التحريضية لإعلان المشير طنطاوي رئيسا لمصر، لكن أتصور أن خروج المشير في خطاب من الجندي النبيل إلى شعب مصر الآن سيكون له مفعول السحر على مصر والمصريين، لكن هذا الغياب يجعلنا نسأل باسم الأغلبية الصامتة " نكلم مين لما نحب نخاطب شعب مصر؟ " فهل من فارس جديد يقول أنا المواطن مصري ليلتف حوله الجميع ويهزموا كل الطامعين والمتربصين بمصر شراً.
عبثاً كتبت السؤال على محرك البحث "جوجل" من باب واسألوا جوجل إن كنتم لا تعرفون، فكانت الإجابة " كلّم وائل غنيم"، ويبدو أن وائل كان الأمهر على الفيسبوك بحكم عمله في "جوجل الشرق الأوسط" فبادر من صفحته على موقع التواصل الاجتماعي بالرد على كل من يريد توجيه هذا السؤال لشعب مصر، ربما دون أن يدري، يبدو أنه يعيد دور المملوك محمود الذي أنقذ مصر من الخونة قبل مئات السنين، فهل سيستثمر الشباب روح الثورة في الاضطلاع بدور مؤثر في بناء مصر الجديدة؟
ربط ربما يبدو غريباً، لكن في سياق دردشة مع الخبير الاستراتيجي الكويتي د. سامي الفرج اشترط لنجاح الثورة المصرية أن يتم انقلاب على المجلس العسكري من قبل الصف الثاني، وسمى رئيس الحكومة ونائبه والمقربين من أفكارهم، ولعل تسريب الضغوط التي يتعرض لها رئيس الوزراء المصري وأنه تقدم باستقالته للمشير طنطاوي 7 مرات منذ توليه منصبه، بسبب أن رئيس الوزراء د. عصام شرف يريد تغيير عدد من الوزراء ويبدو أن رئاسة المجلس العسكري تكبل يده في هذا التغيير، الرجل أخذ شرعيته من قلب ميدان التحرير وسط الثوار، وانطلق يباشر مهام عمله معلناً أنه سيتقدم باستقالته من منصبه في حال لم يتمكن من العمل لأجل مصر .. ويبدو انه لم يتمكن 7 مرات، هذا أيضا يبعث في النفس ريبة.
أيضا افترض صديقنا د.الفرج بعض الدماء مدللا بالثورات الإيرانية والبلشفية والفرنسية، التي تعرض زعمائها للقتل أو الاغتيال، والسيناريو التخيُلي يمهد لظهور النبلاء الذين قاموا بالثورة ليس طمعا في رئاسة أو نتيجة انقلاباً عسكرياً، ولكنهم ثاروا على الظلم والفساد وإهدار كرامتهم، فتبعهم جموع المصريين من أسوان إلى الإسكندرية، هؤلاء الشباب، سيضطرون للدفاع عن ثورتهم وبما لديهم من شرعية ثورية يستطيعون حشد الملايين خلفهم بمجرد كبسة زر في عالم الفضاء الالكتروني الرهيب .. الذي بات سلاح الأغلبية الصامتة في زمن ربيع الثورات العربية.
|