التاريخ : السبت 23 july 2011 02:13:46 مساءً
لا أجد مبرراً لحالة "الإخوانفوبيا" التي يصر الإعلام المصري على ترويجها منذ قيام ثورة 25 يناير، حتى بات الخوف من الجماعة حديث العامة والخاصة، نتفهم جيداً أن الإخوان المسلمين حركة منظّمة ولكل فريق دوره الذي يبدأ باستلامه من مجموعة وتسليمه لأخرى، هذا التنظيم ربما هو السبب وراء فزّاعة الإخوان التي يريدون أن يرعبوننا بها في ظل حالة الفوضى التي يعيشها الشارع المصري هذه الأيام، لكن على أرض الواقع تبقى الجماعة أقلية قياساً بجموع الشعب المصري، وقياسا بالنخب السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وإن كانت كثيرة العدد، لكنها أقلية في التأثير وسلامة الفكر، ومدى اقتناع الشارع المصري بمشروعها إن وجد.
وعلى رأي القائل: الإخوان تحولوا بفضل ثورة 25 يناير من الجماعة المحظورة إلى "المحظوظة" لا لشيء سوى للاعتراف بها كشريك في العملية السياسية، لكن في الوقت نفسه لا يجب أن ننسى أن الإخوان كانوا بالأمس القريب يلعبون في دوري الحواري، ويطاردون من قبل أمن الدولة ورجال النظام المنحل، واليوم نجدهم ينافسون على كأس العالم، يتجلى ذلك بالحديث عن ماهية وشكل الحوار مع أميركا الذي تحدث عنه قيادات الجماعة مرحبين وفرحين.. هذه النقلة النوعية في مسار الجماعة أصابتها بحالة من الربكة والتخبط.
ولابد أن يعي الجميع أن الأصوات التي كان حصدها مرشحو الجماعة في الانتخابات البرلمانية قبل الأخيرة، والتي مكّنتهم من الحصول على 80 مقعداً في البرلمان المصري، كانت نكاية في الحزب الوطني المنحل وليست حباً في الإخوان، فالناخب المصري كان حائراً بين أن يُفسد صوته أو يمنحه لمرشح آخر غير "الوطني" فلم يجد غير مرشح الإخوان، لكن اليوم ومع الانفتاح الكبير الذي تعيشه مصر، ومع بروز شخصيات وأحزاب جديدة خرجت من رحم الثورة، ستكشف الانتخابات القادمة الحجم الحقيقي لجماعة الإخوان، وفق أفضل التقديرات لن يحصلوا على أكثر من 25 % من المقاعد، وهنا لا أجد أي مبرر ولا منطق لفرحة قياداتهم بالحديث حول أن الجماعة تريد المشاركة لا المغالبة، وإصرارهم على الانتخابات أولاً لكي يرعبوا الشارع السياسي بأنهم الأفضل تنظيماً والأكثر استعداداً لخوض الانتخابات الآن.
ومع الإيمان بضرورة فصل الدين عن الدولة، لأن الدين ثابت والسياسية متحولة، ولأن الدين صادق والساسة كذابون، لا أفهم أبداً الهزل الذي تمارسه الجماعة وحزبها الجديد في الخلط بين الدين والكذب والسياسة والتحول الذي يبرر وسائلهم، لكن يبقى التعويل الأكبر على شباب الإخوان المتنورين الذي يفضحون أكاذيب الحزب والجماعة وشعاراتهم المعلنة عبر وسائل الإعلام المختلفة، ومما يكشف زيف شعاراتهم أتساءل.. أين ذهب شعارهم العريض " الإسلام هو الحل" وإذا كان إسلامهم هو الحل فعلاً لماذا لم يحل كثيرا من معضلاتنا عبر عشرات السنين؟
يكشف كتاب "فخ الهوية" لمؤلفه العبد لله، الذي سيصدر قريباً، أن الإخوان ركبوا بشعارهم هذا موضة/موجة الاشتراكية أواخر السبعينيات رداً على شعارات العدالة الاجتماعية وقيم الحرية والمساواة، أطلقوه دون وعي وردده خلفهم الجميع من أعضاء الجماعة من دون فهم أو ارتباط بمشروع عملاق يرصد إشكاليات المجتمع المصري ويضع سبل الخروج من الأزمات، والدليل أن هذا الشعار ذاب واختفي كما ستذوب وتختفي الكثير من مشاريعهم الورقية التي لا تستند إلى رؤية واقعية غير دغدغدة مشاعر الناس باسم الدين. |