التاريخ : السبت 20 augu 2011 05:24:05 مساءً
لقد اختلف العديد من المفكرين منذ القدم حول عملية نشأة الدولة وأركانها ومراحلها, وأود هنا أن أشير إلي الاختلاف بين المفكرين الصينيين الكبيرين في هذا الصدد, حيث حدد المفكر الصيني الكبير (كونفوشيوس) ثلاثة أركان هامة لنشأة الدولة.
- أولها:- هو تعليم الناس الفضيلة كفعل الأشياء الحسنة وعدم فعل الأشياء السيئة كالسرقة والقتل وغيرها.
- ثانيا:- توفير المأكل والمشرب
- ثالثاً:- توفير الأمن والأمان
وهذه المكونات الأساسية الواجب توافرها لنشأة الدولة عند هذا المفكر الصيني, ثم جاء بعده مفكر صيني آخر ويدعي (منشوس), واتفق علي أن هذه الأركان الثلاثة هي اللازمة لنشأة الدولة, ولكن مع إعادة ترتيبها بحيث يكون توفير المأكل والمشرب سابقاً علي تعلم الفضيلة, لآنه من وجهة نظره "لا أخلاقيات لجائع" لآنه لابد من توفير السلع الضرورية قبل تعلم الفضيلة, وأذكر هنا سيدنا عمر بن الخطاب لم يطبق حد السرقة في عام الجفاف علي الرغم من تزايد عدد السارقين ثلاثة مرات بدعوي أنه لم يقم بتوفير الغذاء لهم, فلم يطبق عليهم حد السرقة, وأن عدم توافر المأكل والمشرب الملائم يكون هو المحرك الأساسي والأولي والمدعاة لأي ثورة.
فالمظاهرات التي حدثت في كل من مصر وتونس والجزائر والأردن واليمن وبدرجة أقل ليبيا كانت بسبب الحرمان الاقتصادي, والسبب الذي أدي إلي تزايد وتيرة هذا الحرمان هو الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية والطاقة العالمية, والتي كان لها عظيم الآثر علي السكان الذين يعيشون قريبين من خط الفقر, هذا فضلاً عن النسبة العالية من البطالة والتي تتراوح بين 10 إلي 20%.
ولا يمكن أن نتغافل عن الأوضاع الاجتماعية السيئة والناتجة عن التفاوت العظيم في توزيع الدخل لصالح الأغنياء, وخلق نخبة حاكمة من كبار رجال الأعمال أعضاء الحزب الوطني الحاكم في النظام السابق الملتفين حول ابن الرئيس السابق جمال مبارك, والذين كانوا يتحكمون في مقدارات الأمور الاقتصادية, نتيجة السياسات الاقتصادية السيئة لعملية الإصلاح الاقتصادي المصرية المتبعة لعملية التحول نحو الليبرالية الاقتصادية من جانب صندوق النقد والبنك الدوليين وهو برنامج (ERSAP) برنامج الإصلاح الاقتصادي والتعديل الهيكلي, والذي سمح بزيادة وتيرة عملية الخصخصة وتركز الأموال في يد حفنة قليلة من رجال الأعمال.
ونتيجة للأوضاع السيئة اقتصادياً واجتماعياً, وحالة الاحتقان السياسي منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي شهدت عملية تزوير واسعة النطاق كانت الشرارة لثورة 25 يناير المباركة, ولكن تظل الاوضاع الاقتصادية السيئة هي سبب الشحن الكبير للطبقة العريضة والبسيطة من الشعب المصري، وفي النهاية فلا أخلاقيات لجائع.
|