إيهاب سعيد خبير أسواق المال
قال "إيهاب سعيد" خبير أسواق المال، إن لا شك ان البيان الصادر مؤخرا عن "رئاسة الجمهورية" بشأن "البورصة المصرية" يحمل فى طياتة الكثير من المعانى والدلالات التى لابد من التوقف عندها.
فالامر لا يقتصر فقط فى الاعلان عن طرح بعض الشركات الحكوميه خلال الفتره القادمه كما صوره البعد.
حيث انقسم البيان الى شقين, اولهما, تساؤل الرئيس عن اسباب تراجع البورصة المصرية مؤخرا.
والشق الثانى هو الاعلان عن طرح شركات حكوميه "ناجحه" بالبورصه خلال الفتره القادمه.
ولمن لا يعلم, تلك هى المره الاولى منذ عودة البورصه للحياه فى تسعينات القرن الماضى, الذى يصدر فيها بيان رئاسي عن البورصة المصرية.
وأضاف "سعيد" أن هى أولى إيجابيات هذا البيان, لاسيما وقد جاء بعد ايام قليله من التصريح "الغير مسؤول" الذى اصدره السيد "وزير الاستثمار", من ان البورصة تعد بمثابة "مرآه مشروخه" لا تعبر عن الاقتصاد المصرى, كون قيمتها السوقيه الاجماليه لا تشكل سوى 25% من اجمالى الناتج المحلى!
ودونما الخوض فى التصريح, فاتصور ان اولى رسائل البيان الرئاسى, تكمن فى ان الرئيس يولي اهميه كبيره لسوق المال, بعيدا عن حجمه او قيمته السوقيه, سواء للعاملين او المتعاملين بهذا القطاع الضخم.
عدا عن تفهمه ان هذا السوق, كبر او صغر, يبقى هو "سوق المال المصرى", حين ترتفع مؤشراته, فانما يعطى انطباعا ايجابيا عن شكل الدوله للعالم الخارجى, الذى يعتبر ان اسواق المال انما تعد مرأه لاوضاع الاقتصادات, وحين تنخفض مؤشراته, انما يعطى انطباعا سلبيا يعكس اوضاعا اقتصاديه مضطربه.
وأوضح "شعيد" أن الشق الثانى من البيان والذى يعد الجانب الاهم, فكان ما يتعلق بطرح حصص من الشركات الحكوميه بالبورصه المصريه خلال الفتره القادمه.
وهى ثانى ايجابيات البيان, سيما وان الهدف هو ضخ دماء جديده بالسوق تدعم من ادائه, وتحقق الاستفاده القصوى للدوله بتمويل بعض شركاتها, سواء بهدف زيادة رأس المال للتوسع فى النشاط, او بهدف اعادة الهيكله.
لكيما تعود البورصة المصرية لوظيفتها الاساسيه كمنصه هامه لتمويل الشركات, سواء الحكوميه او الخاصه
ولقد كنت اول من نادى بضرورة عودة الطروحات الحكوميه للبورصه منذ سنوات, ليس فقط لدعم سوق المال الذى يعانى منذ 8 سنوات حتى الان, ولكن لأن الاستفاده من مثل هذه الطروحات تطول كافة الاطراف.
سواء الدوله التى تعانى من عجزا متفاقما بالموازنه يحول دون امكانيتها على اعادة هيكلة ايا من شركاتها.
او الشركات المطروحه, ايا ما كان الغرض من الطرح, وذلك بحصولها على التمويل اللازم.
أو البورصه نفسها, بزيادة السيوله وتنشيط السوق بدماء جديده.
او حتى المستثمر ذاته, سواء الموجود بالبورصه منذ سنوات, أو الراغب فى الدخول ويبحث عن الفرصه المناسبه.
فالواقع الذى لا يمكن اغفاله, ان الطروحات الحكوميه تختلف شكلا وموضوعا عن نظيرتها الخاصه, سيما وان الشعب المصرى غالبا ما يثق بها اكثر من شركات القطاع الخاص, وهو ما يدفع الكثيرين للتعرف على سوق المال من خلالها, ومن ثم فهى غالبا ما تجذب سيوله خارجيه.
خاصة وان الحكومه تولى اهتماما كبيرا للتقييم العادل لسعر السهم المطروح, وتهتم كذلك بضرورة تحقيق المستثمر لارباح من اكتتابه فى شركاتها, وذلك بهدف نجاح الطرح, ليكون نواة يمكن الاعتماد عليها فى طروحات اخرى.
بعكس القطاع الخاص, الذى يبالغ احيانا فى التقييم, لأن هدفه الاساسى نجاح الطرح الذى يقصره بالحصول على التمويل, دون النظر الى اداء السهم فى السوق فيما بعد, مما يتسبب فى احيان كثيره لخسائر فادحه للمكتتبين.
وهذا الفارق تحديدا, اضحى يشكل تهديدا حقيقيا لأى طرح لشركات خاصه مستقبلا, لاسيما بعد كارثة سهم "إعمار مصر" الذى هبط ادنى من سعر اكتتابه فى اليوم الاول لتداوله بالسوق الرسمى, فى سابقه هى الاولى من نوعها.
ولذا نجد بعض الاصوات التى ترفض فكرة اى طروحات خلال الفتره الحاليه, خوفا من سحب السيوله الضعيفه من السوق, كما حدث فى معظم الطروحات التى شهدتها البورصه المصريه على مدار السنوات الثمانيه الماضيه.
ولكن من المؤكد ان الحكومه تتفهم صعوبة طرح اى شركه خلال الفتره الحاليه بسبب الاوضاع الاقتصاديه العالميه, وحتما ستنتظر استقرار السوق قبل الشروع فى الاعلان عن اى طروحات, خاصة وهى صاحبة المصلحه الاولى فى نجاح تلك الطروحات بعد كل هذه الفتره من الغياب.
وإنما يبقى الاعلان الان, بمثابة اشارة على توجه حكومى قادم, يهدف الى طمأنة القطاع الخاص, وكذلك مجتمع سوق المال, بمستثمريه وعامليه, الى ان الدوله تعى تماما اهمية البورصه, وتنوى الاستفاده منها, ويعنيها بشكل كبير انتعاشها, وتلك هى ثالث ايجابيات البيان..
وهذه الرسائل مردودها قد لا يكون ظاهرا على الاجل القصير, وانما حتما ستظهر اثاره على الاجل المتوسط والطويل
اما عن هؤلاء الرافضين لفكرة طرح الشركات الحكوميه بالبورصه بحجة انها عودة لبرنامج الخصخصه الذى ارتبط فى ذهن الكثيرين بالفساد.
فلهم نقول, بعيدا حتى عن كون ما اعلنت عنه الرئاسه ليس عودة لبرنامج الخصخصه فى شكله المعروف بتخارج الدوله من اصولها لصالح القطاع الخاص.
فالخصخصه لم تكن يوما نموذجا للفساد, وانما ما شاب بعض عمليات البيع لشركات القطاع العام من لغط وعلامات استفهام حول التقييمات, هو ما يمكن وصفه بالفساد, اما الخصخصه كفكره, فهى ليست بهذا السوء الذى يظنه البعض, وفى هذا لنا حوار أخر بمشيئة الله.