تسيطر حالة من الحذر على المشهد الاقتصادى العالمى، بعد انتشار عدوى الديون السيادية التى ضربت اليونان ثم البرتغال واسبانيا، لتمتد إلى دول أخرى بالاتحاد الاوروبى، الذى قرر الاسبوع الماضى مد اليونان بـ158 مليار يورو، وهو ما خفف من حدة المخاوف.
وامتدت الازمة بشكل كبير الى الولايات المتحدة الامريكية، ويرى خبراء أمريكيون ان الوضع أصبح خطيرًا بعد تفاقم المشكلة، لذلك تواصلت المفاوضات بين الديمقراطيين برئاسة الرئيس أوباما والجمهوري برئاسة باينر رئيس مجلس النواب، بشأن أزمة الديون التي قد تقود لإفلاس البلاد إن لم يتم التوصل لحل قبل الثاني من أغسطس القادم، موعد المقرر لسداد بعض الديون.
ويسيطر القلق على الخبراء بسبب فشل المفاوضات الجارية مع الحزب الجمهوري والتى ستؤدى الى ردة في الاسواق الاسيوية.
وفى منطقة اليورو، شهدت بروكسل اجتماعات واتصالات على مستويات رفيعة بين المؤسسات الاتحادية والدول الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد، الذي يواجه ظروفا صعبة.
ودعا رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي لعقد اجتماع طارئ لكبار واضعي السياسة لمناقشة خطط لحزمة ثانية لإنقاذ اليونان، وتقييم مخاطر انتشار أزمة الديون السيادية من اليونان إلى إيطاليا، بينما ذكرت تقارير اقتصادية أن إسبانيا معرضة لأزمة الديون السيادية التي أثرت على دول أخرى في المنطقة في حال عدم اتخاذها مزيدا من الإجراءات لتحفيز اقتصادها الذي يعاني من أزمات.
وتتعرض إسبانيا لازمة بسبب قلة التنافسية والعجز الكبير في الحساب الجاري، لذلك من الضرورى قيام الحكومة الإسبانية بإصلاحات مالية.
وطالب رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي فان رومبوي، المسؤولين بإيجاد حلول لوقف الضغوط من الأسواق المالية على إيطاليا، وخصوصا أنها تشكل ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بعد ألمانيا وفرنسا، وأن أي خطر تتعرض له يعني تعرض منطقة اليورو بأكملها للخطر.
وبدات البورصات الأوروبية تتاثر بشكل واضح خاصة أسهم البنوك الأوروبية بفعل المخاوف لدى المستثمرين والأسواق، بعد أن كشفت إيطاليا عن ارتفاع أسعار الفائدة لأرقام لم تصل إليها منذ تسع سنوات، وعرفت بورصة ميلانو ما وصف باليوم الأسود الجمعة الماضي، وهبطت أسعار أسهم البنوك الإيطالية بشكل كبير، وتوسعت المخاوف بعد أن زاد القلق من انتشار عدوى الديون إلى إيطاليا، خصوصا أن هنالك اضطرابا سياسيا في البلاد نشأ من الجدل الدائر بين وزير المالية جوليو تريمونتي ورئيس الوزراء سيلفيو برلوسكوني، مما يهدد مرور خطة تخفيض العجز بقيمة 40 بليون يورو.
ويتوقع البعض قيام البنك المركزي الأوروبي بتوسيع صندوق الإنقاذ الأوروبي، وهو مايعنى تعرض بلدان اخرى لمخاطر الديون، وقد تحتاج إلى إنقاذ مثل اليونان، وفي حال حاجة ايطاليا للدعم المالي فإن السيولة المتوفرة في الصندوق غير كافية لتغطية الدعم.
ويتوقع المحللون نتائج سلبية لبعض المؤسسات المصرفية التى من المحتمل ان يصل عددها إلى 15 مصرفا، ويعمل رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي، على إقناع كل من فرنسا وألمانيا ببلورة صفقة سياسية تجنب تفشي الأزمة على كل الدول الأوروبية.
وقال مسؤول أوروبي إن تردد الدول الأوروبية في حسم إدارة الديون اليونانية ولد مناخا غير صحي داخل منطقة اليورو وبات يلحق أضرارا بقيمة ومصداقية اليورو.
وحذر وزير الخارجية الألماني غويدو فيسترفيلله من انتشار التوتر في أوروبا بسبب أزمة الديون في اليونان وبلدان أخرى، قائلا: "لا يمكننا مواجهة بعضنا بعضا في أوروبا، من خلال الأحكام المسبقة، يجب علينا ضمان عدم إصابة الفكرة الأوروبية بالضرر"، وفي ما يتعلق باليونان حذر رئيس الدبلوماسية الألمانية من أنه لا ينبغي لأحد أن يساوي بين الملصقات التي تحمل شعارات معادية للألمان، برأي الأغلبية في اليونان.
وتواجه دول أوروبا ضغوط وكالات التنصيف المتهمة بأنها وراء تضخيم جزء من أزمة اليونان.
وقالت وكالة موديز للتنصيف المالي، ان منطقة اليورو تواجه أزمات أخرى قد تكون أكثر خطورة، ومن بين الدول المهددة إيطاليا بسبب حجم ديونها وبلجيكا بسبب الأزمة السياسية وآيرلندا بسبب قرار المصرف المركزي الأوروبي رفع أحجام الفائدة.
وحسب المراقبين تنصب كل الجهود الأوروبية حاليا على وضع اللمسات العملية للحزمة الثانية لإنقاذ اليونان أولا، وتجنب تفشي العدوى لدول أكبر ثقلا، وتحديدا إيطاليا.
ويقول دبلوماسيون إن مجمل الاتصالات الأوروبية يتمحور حاليا حول عناصر محددة لا تزال الكثير من الخلافات قائمة بشأنها، وإهمال آلية إشراك القطاع الخاص في إدارة أزمة اليونان، ويبحث المسؤولون الأوروبيون بالدرجة الأولى عن اتفاق سياسي لتوفير التمويل الضروري، الا ان ألمانيا لاتزال ترفض أي الالتزام قد يعتبر بمثابة تمويل مباشر من دافعي الضرائب لديون الدول المتسيبة.
وفي حالة عدم التوصل إلى اتفاق سياسي فإن منطقة اليورو ستواجه أزمة ثقة بسبب توقع تنامي متاعب اليونان وآيرلندا والبرتغال وإيطاليا مما سيعود بالأوروبيين إلى وضعية شبيهة بصيف عام 2008 إبان اندلاع أزمة المصارف.
ووافق قادة اليورو على خطة جديدة بقيمة حوالي 158 مليار يورو لإنقاذ اليونان بإشراك البنوك والحيلولة دون انتقال الأزمة إلى دول أوروبية أخرى.
وتعد تلك هي الخطة الثانية التي ستستمر حتى نهاية 2014، وتتألف تفاصيلها من 109 مليارات يورو من القروض بمشاركة أطراف عدة من الدول الاوروبية وصندوق النقد الدولي، وإن كان لم يقرر بعد كيف سيقسم المبلع بين الطرفين.
ويتوقع أن يقع العبء الأكبر على المصارف الأوروبية، نظرًا لأنها ستفقد جزءًا من سيولتها، بما أنها تملك أغلب الديون الأوروبية.
وفى نفس السياق اصبحت البورصة المصرية بين نار الاضطرابات الداخلية وازمة الديون السيادية الاوروربية والامريكية، والتى بدأت تعصف باحلام الخبراء بعد موجة من التخارج للمستثمرين الاجانب على مدار شهر كامل.
.