صورة أرشيفية
ذكرت شبكة أخبار الأغذية والبيئة، وهى مؤسسة إخبارية غير هادفة للربح، أن بعض مزارعي الفاكهة في كاليفورنيا تجنبوا الزراعة بالري في محاولة للهرب من الأزمات المالية التي عانى منها زملاؤهم المزارعون من قبل في السنوات الأخيرة.
وقامت الشبكة بالتعاون مع مجلة ناشيونال جيوجرافيك البريطانية بزيارة مزارع الزراعة الجافة في ولاية كاليفورنيا التي تعرضت العديد من مناطقها للجفاف، وقامت المجلة بزيارة مزرعة رايان باور - الواقعة في منطقة سيباستوبول على أطراف ولاية كاليفورنيا شديدة الجفاف - التي اعتمدت على الزراعة الجافة، وهى إنبات المحاصيل الغذائية دون استخدام أي نوع من الري.
ويزرع صاحب المزرعة حقوله بحبوب الكينواة بالطريقة الجافة، فضلا عن تخصيص رقعة لزراعة الطماطم، التي لم تتعرض لمياه المطر لمدة 6 أشهر.
وتتلخص فكرة "الزراعة الجافة" في أن المزارعين لا يقومون بري محاصيلهم إلا بعد مرحلة الشتلات، لذلك سميت بهذا الاسم، فهناك العديد من الاختلافات ضمن هذا التعميم، فيما يتعلق بكل منطقة، حيث يعتمد المزارعون على أسلوب الزراعة الجافة في ولايات منطقة وسط المحيط الأطلسي (نيويورك، نيوجيرسي، وبنسلفانيا، ديلاوير، وميريلاند، واشنطن وغيرها) على الأمطار الصيفية، حيث تعتمد معظم الحبوب في سلة خبز أمريكا على ذلك أيضا.
وتقول شبكة أخبار الأغذية والبيئة إنه على طول ساحل المحيط الهادئ، يقوم المزارعون باتباع نموذج البحر المتوسط في الزراعة الجافة والمصمم للمناخ الجاف صيفا والمطير شتاء.
وقال ستيف جليسمان أستاذ الزراعة البيئية في جامعة سانتا كروز بكاليفورنيا، "في حين أن نظام الزراعة الجافة هو النظام المحبب للمزارعين بالساحل الغربي لولاية كاليفورنيا، إلا أن الزراعة الجافة تمثل نقطة من الصورة العامة للصناعة الزراعية في الولاية، حيث تقدر قيمة الصناعة الزراعية في كاليفورنيا بنحو 43 مليار دولار، وتمثل الزراعة الجافة أقل من واحد في المئة منها".
ويعتقد مؤيدو هذه الطريقة أن الزراعة الجافة يمكن أن تكون الطريق المستقبلي، فى ظل استمرار التغيرات المناخية والاستهلاك المتزايد للمياه التي سيؤدى إلى استنزاف المياه الجافة.
كما يرى المزارعون أن المياه السطحية لا تفيد المحاصيل، حيث إن جذور النبات في الزراعة الجافة تمتد في عمق الأرض، لتمتص الماء المتبقي من الأمطار الشتوية التي هطلت بغزارة في الأشهر الستة السابقة.
ووفقا لمؤيدي الزراعة الجافة، تقوم جذور النباتات خلال هذه العملية بامتصاص العوامل الطبيعية الأخرى أيضا كالتربة والمناخ مضيفة بذلك إلى المحصول نكهة خاصة، وتمثل هذه التعديلات طريقة تعلق النبات قدر وسعه بكل قطرة من المياه.
وأوضحت مجلة "ناشيونال جيوجرافيك" أن العديد من المحاصيل المستزرعة بالطريقة الجافة، بما في ذلك البطاطس، تتميز ببقائها صالحة لفترة طويلة بعد الحصاد بشكل ملحوظ، وذلك مقارنة بأمثالها من النباتات المزروعة بالري، مؤكدة على أن ترك خطوة الري بالمياه يعطي مزايا أخرى للمزارعين الذين أمكنهم النجاح في هذه التجربة الصعبة.
ووفقا لموقع "دروت مونيتور" لرصد الجفاف أصبح المزارع في ولاية كاليفورنيا الأمريكية ،هو الجاني والضحية فى آن واحد، فأزمة المياه طبقا للنموذج الزراعي السائد، لا تزال 59% من مناطق الولاية تعاني حالة من "الجفاف الشديد"، وذلك بالمقارنة مع نسبة 92 في المئة منذ عام.
ويقول جليسمان، أستاذ الزراعة البيئية "إن الزراعة الجافة هى طريقة مسؤولة للزراعة، سواء حدث جفاف أو لم يحدث جفاف"، و يضيف، "إن أكبر تأثير لها هو الحد من استخدام المياه في جميع السنوات سواء الممطرة أو الجافة، حتى تبقى المياه متوفرة في الطبيعة، بينما تستخدم الزراعة المعتمدة على الري ما يتراوح بين 70 إلى 80% من جميع أنواع المياه. وهو الأمر الذي يجب أن ينخفض"، ويؤكد جليسمان على أنه يمكن حتى زراعة نبات اللوز بالطريقة الجافة، وهو النبات الذي تفتخر ولاية كاليفورنيا بإنتاجه باستخدام مياه الري في الزراعة.
يأتي ذلك في الوقت الذى كشف فيه أستاذ الزراعة البيئية، عن أن الزراعة الجافة لا تخلو من سلبيات، وأهمها أنها تنتج محصولا قليلا، كما أن بعض محاصيل الزراعة الجافة، مثل البطيخ، يجب أن تحصد وهى ناضجة، مما يحد من قدرتها على تحمل عمليات النقل والشحن".