صورة أرشيفية
أثبتت نتائج علمية جديدة أن السبب وراء عدم قدرة المصابين "باضطراب الشخصية الحدية" التحكم في انفعالاتهم، هو إحساسهم بالحزن الشديد تجاه رفض الآخرين لهم.
وتقول الدكتورة كيارا دي بانفيليس من جامعة بارما بإيطاليا، إنه من الصعب للغاية على الأشخاص الذين يعانون من "اضطراب الشخصية الحدية"، أن يدخلوا في أي نوع من أنواع العلاقات، وذلك نتيجة مشاعرهم غير المستقرة للذات، والحاجة إلى التقارب، ونمط سلوكهم غير المتوقع ،وذلك على سبيل المثال لا الحصر.
ووفقا للباحثين الإيطاليين، فإن هؤلاء الأشخاص هم فى الطرف الأقصى للسلسلة التي يكون فيها ضبط النفس في طرف، والانعدام التام لضبط النفس في الطرف الآخر.
وعلى الرغم من أن الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية قد يتصرف بشكل جيد عندما تسير الأمور كما يريد، إلا أنه عندما تواجهه عقبات لا يكون قادرا على تمالك أعصابه.
وتعتقد دكتورة بانفيليس وزملاؤها الباحثون ،أن واحدا من الأسباب التي تجعل الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية لديهم مثل هذه الصعوبة في ضبط عواطفهم، يرجع إلى حساسيتهم المفرطة للرفض.
تقول دي بانفيليس "يتوقع المصابون باضطراب الشخصية الحدية بقلق أن يرفضهم الآخرون، ويتصورون حدوث ذلك الرفض ، وتكون رد ود أفعالهم عنيفة تجاهه"، مشيرة إلى أن ذلك الرفض، لا يجب أن يكون حقيقيا، فبالعودة إلى المثال، فإن الشاب الذي يقدم طلب للحصول على فرصة في المؤسسة التعليمية، قد يفسر رسالة بريد إلكتروني تقول أنه "يتم دراسة طلبه" على أن ذلك إشارة إلى أنه لن يتم التفكير في طلبه بجدية، وبأنه لن يحصل على هذه الفرصة. حيث إن الأشخاص الذين لديهم حساسية عالية تجاه الرفض، يتوقعون هذه الإشارات، ومن الصعب للغاية إقناعهم بأن تلك الافتراضات التي بنوا عليها تصوراتهم غير صحيحة على الإطلاق.
وبعبارة أخرى، فإن كون الشخص حساسا للرفض أمرا صعبا في حد ذاته، ولكن عندما يرتبط ذلك بعدم القدرة على ضبط ردود أفعاله تجاه ذلك الرفض المتصور، يمكن لمشاعر الغضب أن تصبح خارج نطاق السيطرة، مما يهدد عمل الشخص وعلاقاته.
وقد وضع فريق البحث، الذي ضم أيضا علماء النفس من جامعة لونج آيلاند، وكلية كورنيل وايل الطبية، نظريتهم موضع التجربة من خلال استخدام عينتين منفصلتين لكل من الطلاب الجامعيين وأشخاص بالغين في المجتمع مجموعهم الإجمالي يقرب من 1100 شخصا، وطلب منهم استكمال إجراءات استبيان عن ضبط النفس، والحساسية تجاه الإحساس بالرفض، والحزن الداخلي، وسمات الشخصية الحدية.
و قد تضمنت الأسئلة قياس القدرة على ضبط النفس عبارات مثل "من السهل بالنسبة لي أن أتوقف عن سلوك ممتع لأنه سيكون غير لائق"، و"من الصعب بالنسبة لي تركيز انتباهي عندما أشعر بالحزن".
وقد خلص الباحثون، إلى أن القدرة على ضبط النفس يمكن أن تحمى الأشخاص الذين يعانون من الكبت من الإصابة بأعراض تشبه "اضطراب الشخصية الحدية "حيث أن الأشخاص الذين يعانون من الكبت يشعرون بالانزعاج عندما يتصورون، بشكل خاطئ عادة، أن شخص ما يرفضهم. وبالعودة إلى مثال الطالب ،تقول كيارا أنه مع امتلاك قدرة أكبر على ضبط النفس، سيكون الطالب قادرا على إدراك مدى سماحة لردود أفعاله بأن تتصاعد. والبدء في التركيز على العمل الذي بين يديه وهو استكمال ملأ الاستمارة، كما سيحاول التقليل من الشعور بالإحباط تجاه عدم تعاون الموقع الإلكتروني معه، قبل أن يستنتج تلقائيا أنه مرفوض، وفي هذا الوقت، سيدرك ببساطة أن الإنترنت لا يعمل. وذلك من شأنه أن يسهم في تهدئته، وجعله قادرا على إجابة الأسئلة، وربما النجاح فيها بشكل كبير.
وتشير نتائج البحث إلى الطرق التي يمكن من خلالها أن ينجح الأشخاص الذين يعانون من الكبت في حماية أنفسهم من الإصابة بالاضطراب الحدي.
فعلى سبيل المثال، يمكن تعزيز ضبط النفس من خلال تذكير معارف أولئك الأشخاص دوما بالتمسك بالبقاء على أرض الواقع و تجنب الافتراضات الخاطئة بالرفض بدون أي دليل على ذلك.
وباختصار، يكشف البحث عن أنه من المفيد أن يعرف المصابون "باضطراب الشخصية الحدية" أن بإمكانهم ضبط النفس، حيث إن السيطرة على عملية الإدراك، وبالتالي، الأحاسيس والمشاعر أمر ممكن.
يذكر أن اضطراب الشخصية الحدية هو اضطراب عقلي شديد يتميز بحالة مستمرة من عدم الاستقرار في المزاج، والسلوك، والتصور عن الذات، والقدرة على الأداء.
وغالبا ما تؤدي هذه المشاعر إلى التسرع في التصرف، والدخول في علاقات غير مستقرة. كما يعاني الشخص المصاب بنوبات شديدة من الغضب، والاكتئاب، والقلق، والتي قد تستمر من بضع ساعات إلى أيام.