صورة ارشيفية
ليس من المبالغة فى القول ان نًصِف عام 2016 بعام الازمة لقطاع ترامت عليه الامال الاقتصادية والاجتماعية بل والسياسية ،وهو قطاع السياحة، فالازمات أدركت العام السياحي من قبل ان يبدأ ولازمته حتى نهايته ،فكان ضمن الاسوء فى العشرون سنة الاخيرة.
والحصاد الذى جناه القطاع طيلة عام لم يكن بقدر المتوقع والمأمول بل وقع كغيره فى شباك التعقيدات والازمات الاقتصادية والسياسية وهذا ما ستجلّيه السطور القادمة :
-وزارة السياحة... الازمة فى الداخل
مرت الثلاثة اشهر الاولى من عام 2016 على وزارة السياحة ووزيرها حينذاك هشام زعزوع بحالة من الافلاس وقلة الحيلة والتدابير بعد ان تعرضت السياحة لضربة قوية إثر سقوط الطائرة الروسية فى وسط سيناء فى اكتوبر من العام 2015 وأودت بمقتل 224 سائحا اغلبهم من الروس الامر الذى جعل روسيا تعلق رحلاتها السياحية الى محافظات البحر الاحمر السياحية وتبعتها دول اخرى كبريطانيا وفرنسا واستراليا.
اضافة الى الاداء المخيب للوزارة فى بورصة برلين السياحية ITB مطلع مارس 2016 وعدم القدرة على ايجاد اسواق سياحية بديلة؛ الامر الذى جعل وزير السياحة هشام زعزوع ضمن التغييرات الوزارية التى تمت فى منتصف مارس الماضى.
تولى الوزارة يحي راشد فى 26 مارس ؛وقام باصدار عدة قرارات من ضمنها تعديل فى هيئة تنشيط السياحة واسناد رئاستها لهشام الدميري بدلا من سامى محمود فى سبتمبر الماضى ؛ثم اصدرت الوزارة البوابة الالكترونية للسياحة المصرية بهدف التنشيط ضم كافة المقاصد الشاطئية والتاريخية والعلاجية، والفنادق والشركات والأسعار، وذلك بالتنسيق مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ،وتكليف شركة اجنبية بمهام التسويق السياحي لمصر بالخارج.
ثم قام الوزير بحل مجلس ادارة اتحاد الغرف السياحية فى يوليو الماضى ووعد باجراء انتخابات مبكرة ولم تتم حتى نهاية العام الحالى ؛ويدير الاتحاد حاليا مجلس تسيير اعمال برئاسة بقياجة نورا علي. كما يعتبر قرار تجميد مكتب أبوظبي وإنهاء ندب مدير مكتب ألمانيا من القرارات الحاسمة التي اتخذها الوزير داخليا الامر الذى قلص عدد المكاتب السياحية بالخارج الى عشر مكاتب.
قرر الوزير دعم الطيران المنتظم بداعي عدم تأثره بالأحداث، كما وضع ضوابط لدعم الطيران الشارتر تقضي بتوجيه الدعم المخصص لها إلى شركة الخدمات الأرضية المصرية في المطارات، وهو قرار لاقى قبول واستحسان القطاع السياحي.ارتفعت معدلات التوافد في فترة يحيى راشد من أوكرانيا والصين والهند وبيلاروسيا.
كما اتجه لجذب الحركة من الأسواق البديلة مع استمرار الحظر الروسي والبريطاني، حيث وضعت خطة ترويج لأذربيجان وكازاخستان والمغرب العربي، فيما شارك بمعارض لندن ودبي وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، بهدف الترويج للسياحة، وخاصة الثقافية وهو ما تسبب في رفع نسب الانشغالات بالأقصر خلال نهاية العام إلى ٤٠٪.
وقد اختارت منظمة الساحة العالمية الأقصر لتكون عاصمة للسياحة العالمية لعام 2016 وعقدت فعاليات الجلسة 104 للمجلس التنفيذي للمنظمة بالأقصر اول نوفمبر الماضي وتضمن القمة العالمية الخامسة لمؤتمر سياحة المد ن .
استطاعت وزارة يحي راشد فتح سوق سياحي جديد فى المانيا والصين مع استمرار تدفق السياح الاوكرانيين الامر الذى خلق حركة فى المزارات السياحية وان كانت ضعيفة ؛مع الاستمرار فى فتح اسواق جديدة فى جنوب شرق اسيا.
ويبقى الحدث الاهم فى وزارة يحي راشد وهو المتعلق بتعليق رحلات العمرة الى الاراضي المقدسة وارجاء توثيق عقود العمرة مع الجانب السعودى حتى الان ، الامر الذى جعل حالة من التذمر تنتشر بين بعض شركات السياحة الدينية ومطالبتها بسرعة فتح باب العمرة .
وتبدء الازمة عندنا قررت الحكومة السعودية رفع تأشيرة العمرة الى 2000 ريال سعودى لمن يريد اداء العمرة لثانى مرة بأثر رجعى قدره 3 سنوات بداية من العام الهجري 1438،الامر جعل الوزارة ومعها غرفة شركات السياحة تقرر ارجاء توثيق عقود العمرة حتى يحدث تعديل فى القرار السعودى خاصة ان مصر اكبر دولة مصدرة للمعتمرين فقد بلغ عدد المعتمرين المصريين العام الماضى قرابة مليون ونصف معتمر .
ثم تراجعت السعودية عن قرارها فبدءت شركات السياحة تطلب من وزير السياحة فتح باب العمرة خاصة انه من المتوقع ان تنخفض نسب الاقبال على العمرة بين المصريين بعد زايدة الاسعار وتحرير صرف الجنيه.
-السياحة الوافدة...ايرادات خاسرة
لم يكن الغضب البرلماني والاعلامي مؤخرا على هيئة تنشيط السياحى من قبيل الاجحاف بل الارقام الواردة عن نسب الاقبال السياحي فى 2016 وعدم توفر الاسواق السياحية البديلة الذى يغطى غياب السياحة الروسية والبريطانية سبب فى تأزم القطاع.
فقد بلغ إجمالي عدد السائحين الوافدين إلى مصر خلال عام 2016 بلغ نحو 4.8 مليون سائح، بانخفاض نسبته 46% عن العام السابق الذي شهد إقبال نحو 8.9 ملايين سائح بقيمة ايرادات 6.1 مليار دولار، بخسائر تقدر بنحو 3 مليارات دولار وأن عدد السياح بلغ في الفترة بين يناير وحتى أكتوبر من العام الجاري 4 ملايين سائح، منهم 1.5 مليون سائح عربي بنسبة 39.6% من إجمالي الوافدينز
وبلغت عدد الليالي السياحية 29.3 مليون ليلة، بتراجع 64%، من 82 مليون ليلة عن العام الفائت. وبذلك فان الأعداد الوافدة إلى المقصد السياحي المصري انخفضت بنسبة 48% في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري الذي شارف على الانتهاء مقارنة بمثيلتها العام الماضي.
كما شهدت مصر تراجعاً بلغ 68.4% خلال أول 9 أشهر من العام الجاري، بعد أن كانت حققت إيرادات سياحية بلغت 6.1 مليار دولار، خلال عام 2015.
وقالت عادلة رجب المستشار الاقتصادي لوزير السياحة، إن المقصد المصري فقد نحو 40% من الوافدين. وأضافت ؛ أن استمرار تعليق روسيا رحلاتها الجوية، أفقد مصر 3 ملايين سائح يمثلون 33% من إجمالي أعداد الوافدين.
ووفقًا لآخر بيانات للبنك المركزي المصري، بلغت إيرادات السياحة خلال النصف الأول من العام الحالي 1.1 مليار دولار مقابل 3.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2015، بنسبة تراجع 216.6 بالمئة.
غياب السياح الروس وسياح غرب اوروبا أنشأ فجوة كبيرة فى توافد السياح الاجانب الى مصر فى ظل ضبابية الموقف الخاص بعودة السياحة الروسية والتحذيرات التى خرجت من وزارتى الخارجية فى بريطانيا والولايات المتحدة بشأن سفر مواطنيهم الى مصر مؤخرا.
وتشير الارقام الخاصة بالاشغال الفندقية فى اعياد الكريسماس الحالية الى انحسار فى القطاع ؛اذ إن الإشغالات الحالية بمدينة شرم الشيخ لا تزيد على 20% من عدد من الجنسيات الأجنبية والمصريين ،ونسبة الإشغالات السياحية في البحر الأحمر حاليا لا تتجاوز 40%، وهي نسبة ضئيلة للغاية مقارنة بنفس الفترة من الأعوام السابقة.
الارقام السابقة كان لها بالغ التاثير على المستثمرين السياحيين فى شرم الشيخ والبحر الاحمر ؛اذ انخفضت الايرادات وانكمشت تنمية البنية التحتية للمرافق السياحية وتقلص عدد العاملين بالقطاع مما راطم المديونيات على المستثمرين فكان اللقاء بين طارق عامر محافظ البنك المركزي ومجموعة مستثمري شرم الشيخ والبحر الاحمر الذى قرر اعادة جدولة دفع المستحقات وانشاء صندوق بقيمة 5 مليار جنيه لتمويل المشاريع والاستثمارات السياحية بعد ان توقفت البنوك عن تمويلها بسبب ارتفاع مخاطرها.
وبالنسبة لحركة السياحة الداخلية فقد عانت هى الاخرى من انكماش كبير ؛ فنقيب السياحيين باسم حلقة اشار بان حركة السياح المصريين انكمشت بدرجة 50% تقريبا وهى سياحة موسمية ترتبط بالاجازات وهذا نتيجية ارتفاع الاسعار.
واخيرا فان نسبة مساهمة السياحة فى الناتج القومي ودخل العملات الاجنبية هذا العام لن يتجاوز الـ10% بحسب اغلب المحللين فى انتظار الارقام الرسمية.