صورة ارشيفية
تترأس بيانات سوق العمل الأمريكي خلال شهر ديسمبر الماضي على قائمة أهم الأحداث الاقتصادية اليوم، فبعدما اتخذ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قرار رفع الفائدة في ديسمبر الماضي لأول مرة خلال عام 2016 بمقدار 25 نقطة أساسية، تترقب الأسواق البيانات الصادرة خلال ساعات لتحديد أداء القطاع طوال العام الماضي، ومعرفة هل سيكون القطاع داعمًا قويًا لاستمرار الفيدرالي الأمريكي في وتيرته التشديدية، أم لا.
أيضًا ترجع أهمية البيانات اليوم إلى أنها ستكون الأخيرة خلال ولاية أوباما، وبالتالي ستساهم في تحديد الأداء الاقتصادي ككل خلال توليه الرئاسة طوال الثمانِ أعوام.
ويُذكر أن الاقتصاد الأمريكي قد واجه العديد من التحديات خلال عام 2016 على كلا الصعيدين المحلي والعالمي سواء من تراجع أسعار النفط العالمية والتي وقفت عائقًا أمام ارتفاع معدلات التضخم نحو المستويات المحددة، أو من تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين والذي أثقل على النمو العالمي وارتفاع حالة عدم اليقين.
ولكن مع هدوء واستقرار الأوضاع العالمية واستمرار الاقتصاد الأمريكي في وتيرة نموه، ومع وجود دلائل على استمرار نمو قطاع سوق العمل طوال العام.
كما أشار أغلب صناع القرار، قام البنك باتخاذ قرار رفع الفائدة للمرة الثانية على مدار تسعة أعوام خاصة وأن توجهات الاحتياطي الفيدرالي تعتمد بشكل رئيسي على مدى تحسن البيانات الاقتصادية.
في البداية، تشير أغلب التوقعات إلى إضافة سوق العمل الأمريكي 175 ألف وظيفة في ديسبمر، مقابل 178 ألف وظيفة تم إضافتها في نوفمبر الماضي، على الجانب الأخر، من المتوقع أن ترتفع معدلات البطالة من نسبة 4.6% إلى نسبة 4.7%، أما بالنسبة إلى معدلات الأجور، فمن المتوقع أن يرتفع متوسط دخل الفرد في الساعة بنسبة 0.3% بعد تراجعه سابقًا بنسبة 0.1%.
تمكن الاقتصاد الأمريكي من إضافة متوسط 180 ألف وظيفة في نوفمبر، وقد استقر معدل خلق وظائف جديدة خلال الفترة المحددة قرابة أدنى مستوياتها منذ عام 2012، هذا وقد شهدت معدلات التوظيف نموًا خلال العامين 2014 و2015 بأسرع وتيرة منذ عام 1999.
وكانت أقل قراءة لمؤشر التغير في التوظيف بالقطاع الغير زراعي في مايو، عندما أضاف سوق العمل متوسط 24 ألف وظيفة فقط. على الجانب الأخر، سجل المؤشر أكبر قراءة له خلال عام 2016 في يونيو بمتوسط 271 ألف وظيفة، وبوجه عام، يرى البعض أن إضافة سوق العمل أكثر من 100 ألف وظيفة سيكون مؤشرًا قويًا على استمرار نمو قطاع سوق العمل، بل سيكون داعمًا قويًا لاستمرار الفيدرالي الأمريكي في تشديد سياسته النقدية.
وبالانتقال إلى معدلات البطالة، وعلى الرغم من التوقعات التي تشير إلى ارتفاعها إلى نسبة 4.7%، إلا أنها مازالت تستقر قرابة أدنى مستوياتها منذ عام 2006، الأمر الذي جعل أغلب صناع القرار الفترة الماضية يؤكدوا على وصول الاقتصاد الأمريكي إلى مستويات التوظيف الكاملة.
و تمكن قطاع سوق العمل من إضافة وظائف خلال ديسمبر، فسيكون بذلك الشهر 75 على التوالي التي تشهد خلالها معدلات التوظيف نموًا، بل أنها ستعتبر أطول فترة واصل القطاع خلالها نموه بوتيرة معتدلة منذ عام 1939.
ويجدر بالذكر، أن معدلات التوظيف طوال فترة تولي أوباما رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية سجلت ارتفاعًا بنسبة 8.3%، حيث تعتبر تلك أفضل وتيرة نمو شهدها القطاع مقارنة بعهد جورج بوش. أما بالمقارنة مع بيل كلينتون ورزنالد ريجان، فنجد أن قطاع سوق العمل، قد عانى من بعض التباطؤ.
كما تصب الأسواق اهتمامها اليوم نحو معدلات الأجور نظرًا للدور الهام الذي تلعبه في تحديد توجهات الفيدرالي الأمريكي باعتبارها داعمًا قويًا للانفاق الاستهلاكي، ومن ثَم معدلات التضخم. هذا وقد بلغ متوسط معدلات الأجور على أساس سنوي في نوفمبر 2.5%، إلا أنها تراجعت على أساس شهري بنسبة 0.1% لأول مرة منذ فبراير، وبالتالي يحتاج الفيدرالي الأمريكي في الوقت الحالي إلى ارتفاع معدلات الأجور لتعزيز نمو القطاع الفترة المقبلة.
في النهاية يجدر الإشارة بأن بيانات سوق العمل الصادرة اليوم ستكون الأولى من نوعها منذ فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسيية، وبالتالي ستترقب الأسواق البيانات اليوم لمعرفة أي القطاعات التي ستشهد خلالها معدلات التوظيف تسحنًا خلال العام الجاري، وأي القطاعات ستتأثر بالسلب من توليه لرئاسة الجمهورية.
ومن خلال حديث ترامب الفترة الماضية، تتوقع الأسواق أن القطاع التصنيعي سيحقق مكاسبًا قوية خلال فترة ولايته، وقد تشهد معدلات التوظيف بداخل القطاع نموًا ملموسًا، بل قد تكون الداعم الرئيسي لنمو القطاع الفترة المقبلة.