صورة ارشيفية
رأى الكاتب والمحلل البريطانى أندرو دولينج أن المشاهد المروعة لعنف الشرطة فى إقليم كتالونيا خلال أمس الأول ألحقت ضررا عميقا بالصورة الدولية لإسبانيا، فضلا عن عدم وجود دليل دامغ حتى الآن يؤكد وقوف أى قائد دولى جنبا إلى جنبا مع رئيس الوزراء الإسبانى بشأن طريقة الشرطة فى التعامل مع وقف استفتاء انفصال كتالونيا، الذى تعتبره مدريد غير قانونى.
وقال دولينج –فى مقال نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية اليوم الثلاثاء على موقعها الإلكترونى - إن جذور ما يحدث فى كتالونيا شديدة التعقيد حيث منحت الأزمة الاقتصادية زخما لأشكال التعبئة الوطنية فى إسكتلندا وكاتالونيا وفلاندرز البلجيكية، وهى مناطق تعانى من الضغوط الانفصالية.
وأضاف "أن الأزمة التى ضربت إسبانيا بداية من عام 2008 خلقت تحديات كبيرة أمام النظام السياسى المستقر نسبيا منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى إبان الفترة الانتقالية التى أعقبت عصر فرانكو، ولطالما كانت كاتالونيا مركزا لأزمة إسبانيا الإقليمية، فهى منطقة غنية تاريخيا لديها شعور عميق بالهوية الوطنية والثقافية، لذا رأت فى الانفصال الحل الأمثل للخروج من تراكم المظالم".
وأبرز دولينج أن مدينة برشلونة، عاصمة الإقليم الواقع فى شمال إسبانيا، كانت لفترات طويلة فى القرن العشرين بمثابة العاصمة الاقتصادية لإسبانيا غير أنه مع حلول منتصف التسعينيات، أصبحت مدريد على نحو متزايد العاصمة الفعلية لإسبانيا بلا منازع ولم تعد برشلونة قادرة على المنافسة.
وتابع قائلا "من هنا، يمكننا أن نبدأ فى تتبع جذور أزمة كتالونيا الوجودية، أى منذ أن بدأت أهميتها النسبية فى النظام السياسى الإسبانى فى الانخفاض. وببساطة، فقدت كاتالونيا دورها القيادى فى التنمية السياسية والاقتصادية فى إسبانيا الأمر الذى كان يمثل عنصرا أساسيا فى سرد الكاتالونية السياسية منذ ظهورها فى ثمانينيات القرن التاسع عشر".
واعتبر دولينج أن استفتاء انفصال كاتالونيا يوم أمس الأول افتقر إلى الشرعية اللازمة لاعتبار أنه يعد تمثيلا حقيقيا للرأى العام حيث صوت حوالى 90% من السكان بنعم فى الاستفتاء الذى بلغت نسبة المشاركة فيه حوالى 40%.
وأضاف "أن الأسلوب العنيف الذى اتبعته الشرطة الإسبانية من شأنه أن يمنح مؤيدى الاستقلال مشروعية أخلاقية جديدة ليرتفع معه احتمال إعلان استقلال كاتالونيا من جانب واحد".
وقال الكاتب البريطانى "إنه فى حال أعلنت كاتالونيا الاستقلال من جانب واحد، فمن المرجح أن تعلق مدريد الحكم الذاتى الكاتالوني، ومن ثم سندخل فى عصر جديد تزداد فيه أعمال العصيان المدنى".