صورة ارشيفية
تستمر البيتكوين في تلقي انتقادات واسعة النطاق من قبل الجهات الحكومية والمصرفية بالتزامن مع الارتفاعات الحادة غير المبررة في سعر العملة خلال الآونة الأخيرة. جاء آخرها على لسان مدير الاستثمار في بنك UBS، واحداً من أكبر بنوك إدارة الثروات حول العالم، حيث وصف الاستثمار في البيتكوين بالمخاطرة، ولا يمكن ضمها إلى محافظ البنك الاستثمارية. الأمر الذي يبث المزيد من الشكوك حول مستقبل العملة الرقمية. جاء هذا الانتقاد بعد سلسلة من الانتقادات التي وُجهت إلى البيتكوين، فقد أوضح البعض أن حركة السعر مؤخراً ما هي إلا تطبيق فعلي لنظرية الفقاعة السعرية، حيث تصل الأسعار إلى ذورتها قبل أن تبدأ في الانهيار. فيما زعم البعض الآخر أنها مجرد وسيلة للاحتيال.
في حين أن تلك الاتهامات تبدو قاسية، لكنها إلى حدٍ كبير مبررة خاصةً بعد التقلبات السعرية العنيفة التي شهدتها العملة خلال فترات قصيرة نسبياً. بالرغم من هذا، قد تكون تلك التقلبات مجرد تحركات طبيعية في سعر العملة، إلا أنها غير اعتيادية للأسواق التي لم تعتاد بعد على حركة العملات الرقمية بوجهٍ عام، والأنماط السعرية الخاصة بها والتي تختلف عن العملات المألوفة.
تكمن مشكلة البيتكوين أو غيرها من العملات الرقمية بأنها تسئ استخدام تكنولوجيا البلوكتشين سواء كشكل جديد من النقود أو كاستثمار. فالبيتكوين لديها العديد من المساوئ الكارثية. على سبيل المثال، فإن الوحدات المسماة بـ Tokens التي تحصل عليها عند شراء العملة الرقمية، محدودة التبادل ويمكن استخدامها فقط لأنواع محددة من المعاملات التجارية. كذلك على صعيد القيمة، فإن إقتناء البيتكوين ينطوي على مخاطرة كبيرة نظراً لتقلبات السعر الحادة. في المقابل تخضع قيمة العملات الفعلية لسيطرة الحكومات والبنوك المركزية التي تعمل للحفاظ على استقرار قيمة العملة وحمايتها من التحركات العنيفة. وهو ما تفتقده البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية، حيث تفتقر إلى السيطرة مما يجعلها أصل غير آمن وغير موثوق به مهما زادت قيمتها.
علاوة على ذلك، لا تملك البيتكوين قيمة أساسية كأصل.. أي أنها ليست ذات قيمة في حد ذاتها. كما أن مستقبل التدفقات المالية، أحجام السيولة غامضة وغير قابلة للتنبؤ، كذلك ينقصها الحد الأدنى من وسائل الآمان والحماية. هذا فضلاً عن أنه ليس لها استخدام بديل كالمعادن مثل الذهب على سبيل المثال.
تعتمد وفرة البيتكوين على مدى توافر التكنولوجيا التي تعتمد عليها، وهي البلوكتشين التي يتعامل معها المستثمرون بدرجات عالية من الثقة والضمان. أما إذا تخلل الشك نفوس هؤلاء المستثمرين، فسوف تنهار قيمة العملة بدون أدنى شك.
من ناحية أخرى، فإن استخدام البيتكوين كوسيلة للتبادل النقدي تخضع لقرارات الهيئات الرقابية والتشريعية. وهو ما يمثل الخطر الأكبر على مستقبل العملات الرقمية بشكل عام. ويرى منتقدي هذه العملات أن الأسواق لا يجب أن تتعامل مع سماح الحكومات كأحد المسّلمات حيث تعتمد البيتكوين على أسس مجهولة، مما يجعلها عُرضة لأية قرارات مباغتة من جانب الحكومات، كما حدث في الصين. ويرجح البعض أن أفضل استخدام للبيتكوين هو استعمالها للأغراض غير القانونية، بل وأن هذا هو الهدف الرئيسي من نشأتها.
على الصعيد الإيجابي، لا يمكن إنكار قوة التكنولوجيا التي ترتكز عليها البيتكوين وسط وعود بتطوير آلية المعاملات وجعلها أكثر كفاءة مما هي عليه اليوم من خلال تقليص الحاجة إلى الوسطاء. وتقوم العديد من البنوك ومنصات التدول حالياً بتقييم هذه الآليات. كذلك يمكن تسخير آلية البلوكتشين في يوم ما لتقديم شكل جديد من أشكال النقود التي تصدرها البنوك المركزية. عندئذ قد تبدأ العملات الرقمية للبنوك المركزية في استبدال أنظمة التبادل والدفع الالكتروني التي تستخدمها الهيئات المالية بين بعضها البعض. ومن وجهة نظر راديكالية، يمكن أن تحل العملات الرقمية التابعة للبنوك المركزية محل العملات المادية في يوم ما. فكل تلك السيناريوهات تظل جديرة بالدراسة حتى في حال انفجار فقاعة البيتكوين السعرية.