طالب تقرير التنمية البشرية لعام 2011 الذي اطلقه اليوم- الاربعاء برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDBإلى فرض ضريبة على التداول بالعملات الأجنبية والمعاملات المالية يكون الهدف منها تمويل مشاريع مكافحة آثار تغيّر المناخ والفقر المدقع. فبفرض ضريبة قدرها 0,005 في المائة فقط من قيمة المداولات بالعملات الأجنبية يمكن تحقيق إيرادات سنوية تبلغ قيمتها 40 مليار دولار أو أكثر.
كما دعا التقرير الذي اطلق بعنوان "الاستدامة والإنصاف: مستقبل أفضل للجميع" أيضاً إلى زيادة المساعدة الإنمائية لصالح البلدان الفقيرة التي بلغت قيمتها 130 مليار دولار في عام 2010، في حين لا يزال مستوى التمويل الإنمائي الفعلي أقل بكثير من مستوى الالتزامات المقطوعة بسبب الأزمة المالية العالمية. و اكد التقرير أن هذه الضريبة "تسمح للذين يجنون أكبر الفوائد من العولمة بمساعدة الذين يحققون أقل الفوائد". ويقدّر المبالغ اللازمة سنوياً فقط لتمويل مشاريع التكيّف مع تغيّر المناخ بحوالى 105 مليار دولار، وخصوصاً في جنوب آسيا وجنوب الصحراء الأفريقية الكبرى.
و طالب التقرير بتعزيز الشفافية وضمان استقلالية هيئات المراقبة مثل وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمحاكم وهو عنصر ضروري لتشجيع التزام المجتمع المدني باتخاذ القرارات الخاصة بالبيئة. فالدساتير الوطنية في 120 بلداً تنصّ على أحكام لضمان حماية البيئة، لكن إنفاذ هذه الأحكام لا يزال ضعيفاً في العديد من البلدان. و شدد التقرير على انة لا بدّ من اتخاذ إجراءات عاجلة على صعيد العالم لتحقيق التنمية المستدامة، ويؤكد هذا التقرير أن المبادرات المحلية لدعم المجتمعات الفقيرة يمكن أن تكون فعالة من حيث الكلفة وأن تأتي بفوائد بيئية. فقد بلغت كلفة قانون ضمان العمالة في المناطق الريفية في الهند 0,5 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009 واستفادت منه 45 مليون أسرة أي عشر (1/10) القوى العاملة في هذه المناطق، وبلغت كلفة برنامج بولسا فاميليا في البرازيل واوبورتونيدادس في المكسيك 0,4 من الناتج المحلي الإجمالي ويستفيد منهما خُمس (1/5) عدد السكان في البلدين.
ويتوقع مؤلّفو هذا التقرير أن استمرار التدهور البيئي من غير أي ضوابط، سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 50 في المائة ويبدّد الجهود الرامية إلى إتاحة الحصول على خدمات الطاقة والمياه وخدمات الصرف الصحي لمليارات الأشخاص ولا سيما في جنوب آسيا وجنوب الصحراء الأفريقية الكبرى. ومن الأمثلة على هذا التدهور ازدياد موجات الجفاف في جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى وارتفاع مستوى سطح البحر ليغمر البلدان المنخفضة مثل بنغلاديش. ووفقاً لسيناريو "التحديات البيئية" الوارد في التقرير، يُتوقع أن ينخفض متوسط دليل التنمية البشرية بحلول عام 2050، بعد حساب آثار الاحترار العالمي على إنتاج الغذاء والتلوّث، بنسبة 12 في المائة في جنوب آسيا وجنوب الصحراء الأفريقية الكبرى عما كان سيبلغه في ظل الأحوال العادية. ووفقاً لسيناريو "الكوارث البيئية"، الذي يفترض تفاقم نزع الغابات وتراجع التنوّع البيولوجي والأحداث المناخية المتطرفة، يُتوقع أن ينخفض المتوسط العالمي لدليل التنمية البشرية بنسبة 15 في المائة عن المستوى الذي كان سيبلغه في غياب هذه الحالات في عام 2050. ويتوقع أن تقع أشدّ العواقب على الفقراء. ويمكن للتدهور البيئي أن يبدّد جهوداً بُذلت طوال عقود لتحسين حصول المجتمعات الفقيرة جداً على إمدادات المياه والكهرباء وخدمات الصرف الصحي. ويرى مؤلّفو هذا التقرير في أوجه الحرمان هذه بحد ذاتها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
و يذكر ان تقرير التنمية البشرية هو مطبوعة مستقلة يشرف على إعدادها وإصدارها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منذ عام 1990، حين أطلق دليل التنمية البشرية ليكون مقياساً مركباً للتنمية يشمل الصحة والتعليم والدخل، وليطرح علامات استفهام حول قياس الإنجازات الوطنية بمقاييس اقتصادية بحتة، ويدعو إلى قياس شامل للتقدّم في جميع مجالات الحياة.