نشرت الإذاعة الألمانية تقريرًا للكاتب راينر زوليش، خبير شئون الشرق الأوسط في مؤسسة دويتشه فيله الألمانية، طالب فيه بضرورة مساندة أوروبا للمصريين في حقهم في تقرير المصير، حيث ذكر أنه عندما أسقط المصريون في فبراير الماضي نظام حسني مبارك من خلال احتجاجات شعبية سلمية، قوبل ذلك بموجة كبيرة من التعاطف من كل أنحاء أوروبا.
ويقول الكاتب: شُبان مصريون تظاهروا من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة، أي من أجل "مبادئنا"، وطالبوا ببناء مجتمع مدني.وبكل ارتياح سجّلنا أنه لم يتم إحراق أي علم إسرائيلي أو أمريكي خلال الاحتجاجات.
وعندما نظم الشباب أنفسهم باستعمال وسائل اتصال "غربية"على غرار فيس بوك، اعترانا شعور بأن المصريين مثلنا، وأنهم يستدركون الآن ما توصلت إليه شعوب أوروبا الوسطى والشرقية قبل عقدين من الزمن، حين أسقطت حكامهما الشيوعيين من خلال احتجاجات شعبية سلمية.
ولكن المصريين ليسوا مثلنا نحن الأوروبيين، 20% منهم يعيشون تحت خط الفقر، و40% لا يعرفون القراءة والكتابة، ونصف الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24عامًا، يعانون من البطالة، ويتسبب نمو ديموجرافي سريع منذ عقود في ارتفاع نسبة الشباب وبالتالي في ازدياد احتمال الشعور بالسخط والاضطرابات التي يؤجج نارها ارتفاع مطرد لأسعار المواد الغذائية.
ولكن سقوط مبارك لم يغير شيئا من هذا الوضع المعقد.. وبالمقارنة مع مصر يعيش المواطنون في أوروبا بمن فيهم حتى اليونانيون في أوضاع اقتصادية مستقرة نسبيًا.
ومن المفهوم أن يرفض الكثير من المصريين قيام مجلس عسكري غير منتخب بالرقابة العليا لإعداد دستور جديد للبلاد، بينما يمتنع في الوقت نفسه عن الخضوع لمراقبة ديمقراطية. وللاحتجاج على ذلك خرجوا إلى الشوارع في القاهرة والإسكندرية وعدة مدن مصرية.. ولم تنجح قوات الأمن في تجنب تصاعد التوتر، واستخدمت العنف، مما شحن الأجواء في مصر بشكل خطير، وعرّضها إلى الوقوع في أوقات بالغة الفوضى.
وفي الواقع، فإن جوهر الموضوع هو هل يحق لمصر أن تتحول إلى ديمقراطية حقيقية أم هل ستحتفظ المؤسسة العسكرية بنفوذها؟.هنا يجب على أوروبا أن تكون واضحة وأن تدعم وبكل حزم حق المواطنين المصريين في تقرير المصير السياسي حتى ولو انتخبت غالبيتهم أحزابا سياسية لا تروق لنا.وفي الوقت نفسه يتعين على الأوروبيين أيضا الاستعداد لمواجهة تحديات ومخاطر جديدة.
السياسة الأوروبية الخارجية بحاجة إلى خطة للتعامل مع احتمال ظهور حكومات جديدة في المنطقة يطغى عليها الطابع الإسلامي، تتضمن إجابات على الأسئلة التالية:وفق أي معايير نصنفها كـ"راديكالية" أو "معتدلة" وإلى أي مدى يمكن إقامة حوار معها، وما هي إمكانيات أوروبا في التأثير؟ أسئلة مهمة لا تزال دون جواب حتى قبل أسبوع من انطلاق انتخابات مصيرية في مصر.