الدكتور محمد بن على كومان الامين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب
بدأت صباح اليوم جلسات المؤتمر العربي الثالث والثلاثون لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات المنعقد بتونس بحضور كلا من اللواء عبدالله بن حمود الأطرم رئيس المؤتمر و رؤساء وأعضاء الوفود العربية.
واستهلت الجلسة بكلمة الدكتور محمد بن على كومان الامين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب حيث قال يسعدني وأنا أرحب بكم في مقر الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب أن أعبر عن امتناننا العميق لما تحيطنا به تونس العزيزة من كريم الرعاية وبالغ العناية، راجيا لها مزيدا من التقدم والازدهار في كنف الأمن والاستقرار.
ويشرفني في هذا المقام أن أرفع إلى أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب أخلص معاني الشكر والعرفان على دعمهم الكبير لأمانتهم العامة ومساندتهم الكاملة لأنشطتها وبرامجها، وعلى الجهود الحثيثة التي يبذلونها لتعزيز التعاون الأمني العربي المشترك.
تجتمعون اليوم في وقت يعرف فيه العالم كافة تنامياً متزايداً في زراعة وصنع وبيع واستهلاك المخدرات والمؤثرات العقلية، يفرض علينا جميعا تكييفا مستمرا لأدوات المواجهة حتى نضمن الفاعلية المطلوبة في التصدي لهذه الآفة العابرة للحدود، والمدمرة لحياة الشعوب.
وفي وضع كهذا تبرز الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تكاتف الجهود وتبادل التجارب الناجحة وتقاسم الممارسات الفضلى في سبيل مواجهة المخدرات والمؤثرات العقلية؛ وقاية وعلاجا ومكافحة، وهو ما سيسهم فيه مؤتمركم اليوم من خلال الاطلاع على تجارب الدول الأعضاء وخططها الوطنية في هذا المجال.
وسيكون للبند المتعلق بنتائج اللقاءات العربية والدولية في مجال مكافحة المخدرات إسهام في تعزيز تبادل التجارب والخبرات، إذ سيشكل مناسبة للاطلاع على مخرجات هذه اللقاءات، كما سيمكن من تدارس سبل توحيد المواقف العربية من قضايا المخدرات المطروحة في المحافل الإقليمية والدولية.
وإلى جانب ذلك، سيناقش المؤتمر عددا من المواضيع الهامة، من بينها المستجدات الدولية في مجال المخدرات من حيث مراكز الانتاج وأنماط الاستهلاك وأساليب التهريب وطرق المكافحة والتصدي، الذي يمثل بندا دائماً على جدول أعمال هذا المؤتمر الغاية منه تبادل المعلومات بشأن هذه المستجدات ومواكبة التطورات التي تعرفها ظاهرة المخدرات على المستوى الدولي.
ولا شك أن بروز مواد مخدرة جديدة هو أحد التحديات الكبرى التي تواجه مكافحة المخدرات، سواء بسبب صعوبة الاكتشاف أو بسبب تعذر التجريم نتيجة عدم الإدراج على الجداول المعتمدة. وفي هذا السياق تندرج مناقشة مؤتمركم اليوم لثلاث قضايا في غاية الأهمية: "المخدرات المستحدثة (مثل لفلاكا) وتأثيراتها على المستهلك"، و"مشروع آلية عربية لمواجهة السلائف والمواد الكيميائية المستخدمة في الصنع غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية"، إضافة إلى "مشروع خطة للتعامل مع المستجدات والتطورات حول إساءة استعمال العقاقير الطبية والنفسية وكيفية مواجهة أضرارها".
رغم كل الجهود الجادة والصادقة التي تبذل لتطويق آفة المخدرات ووضع حد لآثارها المدمرة، تشير المعطيات المتوفرة إلى أنه بالرغم من تزايد كميات المخدرات المضبوطة في مختلف أنحاء العالم، فإن نسبة المتعاطين لا تسجل تراجعا، بل إن هناك تزايدا في الطلب وانتشارا للإدمان على نطاق واسع.
لذا، فإن معالجة مشكلة المخدرات والمؤثرات العقلية تتطلب خفض الطلب عليها بتحصين المواطنين من إغراءاتها، ومواجهة عوامل انتشارها، وهو ما ستنظرون في أحد أبعاده من خلال موضوع "الفساد والفقر وأثرهما على انتشار المخدرات في المنطقة العربية"، الذي سيركز على استغلال عصابات الاجرام المنظم للظروف الاقتصادية الهشة لبعض فئات المجتمع والواقع المرير الذي يعيشه بعض أفراده من أجل ترويج المخدرات وبيعها، مستفيدة في ذلك من غياب الوازع الديني والأخلاقي.
ونظرا لضرورة الاهتمام بالذين وقعوا في درك الإدمان ومعالجتهم وتذليل سبل الإقلاع لهم سينظر مؤتمركم اليوم في "دراسة استقصائية حول أعداد المدمنين في الدول العربية والمراكز الخاصة بعلاجهم ورعايتهم اللاحقة".
وختاما يسعدني أن أجدد الترحيب بكم، وكلي ثقة بأنكم ستعالجون المواضيع الهامة المدرجة على جدول أعمالكم بما عهدناه فيكم من كفاءة وحس بالمسؤولية، وأنكم ستصلون إلى توصيات بناءة تسهم في تطويق ظاهرة المخدرات والمؤثرات العقلية في وطننا العربي العزيز.